كتاب الصلاة
  قيل (الفقيه محمد بن سليمان): المراد إذا كان فيهم ثلاثة يفهمون تلك اللغة، ويكو ن الباقون كالصم.
  وقيل (الفقيه علي): تصح ولو كانوا جميعًا لا يفهمونها، وهذا صحيح إذا قيل: بصحتها، حيث كان المستمعون كلهم صما.
  قال في الغيث: وفي ذلك نظر؛ إذ لم يشرع إِلاَّ لتذكير السامعين(١). انتهى.
  وعن أصحاب الشافعي لا تجزئ بالفارسية، وهناك من يحسن العربية(٢)، لكن يرد عليهم مثل ما تقدم. وقال السيد يحيى: لا يخطب إلا بما يعرفه القوم، فإن كان معه من يعرف اللغتين خير(٣).
  قوله أيده الله تعالى: (ويسن في الأولى: وعظ، وقدر سورة) أي يسن في الأولى من الخطبتين: الوعظ، وقراءة سورة من المفصل أو غيره، أو ثلاث آيات فصاعدًا؛ إذ هي قدر أقصر سورة.
  وإنما زاد المؤلف لفظة "قدر" لئلا يوهم اشتراط سورة مستقلة.
  قوله أيده الله تعالى: (وفي الثانية: الدعاء للإمام، ثم للمسلمين) أي ويسن في الخطبة الثانية الدعاء للإمام، إما صريحًا حيث لا يخشى مضرة تلحقه، أو كناية حيث يخشى ذلك ثم يدعو للمسلمين بعد دعائه للإمام، فلو قدم الدعاء للمسلمين أجزأ مع الكراهة(٤)؛ والأصل في ذلك فعل النبي ÷ والسلف.
  قوله أيده الله تعالى: (وفيهما: القيام، والفصل بقعود أو سكتة) أي ويسن أيضًا للخطيب [القيام](٥) في كل واحدة من الخطبتين حال تكلمه بها، فإن خطب قاعدًا صح، وكره على المذهب، وهو قول أبي حنيفة وأصحابه، ويفصل حينئذ بينهما بسكتة(٦)؛ والوجه في ذلك أن المقصود بهما هو الإسماع، وهو يحصل مع القعود كالقيام.
  وإن خطب قائمًا فمن المسنون أن يفصل بين الخطبتين بالقعود قليلا، وإن فصل بسكتة من دون قعود كفى.
(١) شرح الأزهار ١/ ٣٥٠.
(٢) روضة الطالبين ص ١٩٠.
(٣) شرح الأزهار ١/ ٣٥.
(٤) شرح الأزهار ١/ ٣٥١، والتحرير ١/ ١٠٩.
(٥) ما بين المعقوفتين سقط من (الأصل).
(٦) التحرير ١/ ١١١، وشرح الأزهار ١/ ٣٥١، والهداية ١/ ٩٩، وبدائع الصنائع ١/ ٢٦١.