كتاب الصلاة
  قوله أيده الله تعالى: (واعتماد على نحو سيف) أي ويسن له أيضًا الاعتماد حال خطبته على نحو سيف.
  وأراد بنحو السيف: القوس، أو العصا ونحوهما(١)؛ لما رواه أبو داود من حديث الحكم بن حَزْنٍ الكُلَفي(٢): أنه شهد مع رسول الله ÷ الجمعة، قال: فقام رسول الله ÷ متوكئا على عصا أو قوس، فحمد الله وأثنى عليه بكلمات خفيفات طيبات مباركات، ثم قال: «أيها الناس، إنكم لن تطيقوا، أو لن(٣) تفعلوا كما أمرتم، ولكن سددوا ويسروا»(٤).
  قيل: والوجه في ذلك أنه أربط لجأشه، وأعون على ترك العبث بيده، ويضع الأخرى على المنبر.
  ويكره دق المنبر بالسيف حال الصعود؛ إذ هو بدعة(٥).
  قوله أيده الله تعالى: (وتسليم قبل الأذان) أي ويسن للخطيب أن يسلم على الحاضرين، وعند دخوله(٦) المسجد، وعقيب صعوده المنبر حين يستقبلهم بوجهه؛ إذ هو استقبال بعد استدبار(٧).
  وقال أبو حنيفة، ومالك: يكره ذلك؛ إذ سلامه عند دخوله المسجد كاف(٨).
  قلنا: ذلك خاص، وهذا يعم.
  وقد روي عن النبي ÷ أنه كان إذا دنا من منبره سلم على من عند المنبر، ثم صعد، فإذا استقبل الناس [بوجهه] سلَّم، ثم قعد. عزاه في التلخيص إلى ابن عدي، وضعفه(٩). ولكن له شواهد في الشفا وغيره(١٠).
(١) المهذب ١/ ٣٧٠، والبحر الزخار ٢/ ١٨، والتحرير ١/ ١١٠، وشرح الأزهار ١/ ٣٥٢.
(٢) الحكم بن حَزْنٍ الكُلَفِيُّ، وفد على النبي، وشهد خطبته وحكاها وليس له غير ذلك. طبقات ابن سعد ٥/ ٥١٦، وتهذيب الكمال ٧/ ٩٢ رقم (١٤٢٥).
(٣) في (ب، ج): ولن.
(٤) سنن أبي داود ص ١٩٤ رقم (١٠٩٢)، كتاب الصلاة - باب الرجل يخطب على قوس.
(٥) البحر الزخار ٢/ ١٨.
(٦) في (ب، ج): عند دخول.
(٧) وبه قال الشافعية. الأم ٣/ ٢٠٠، والمهذب ١/ ٣٦٩، والبحر الزخار ٢/ ١٧، والتحرير ١/ ١١١.
(٨) مختصر اختلاف العلماء ١/ ٣٤٤، والمدونة ١/ ٢٣١.
(٩) تلخيص الحبير ٢/ ٦٢.
(١٠) شفاء الأوام ١/ ٣٨٩، والبيهقي في السنن ٣/ ٢٠٥ رقم (٥٥٣٣)، كتاب الجمعة - باب جماع أبواب آداب الخطبة.