كتاب الصلاة
  تصح إقامة جمعة في مكانين من بلد واحد إذا كان بينهما دون ميل، فإن أقيمتا كذلك في وقت واحد والتبس الحال: هل أقيمتا في وقت أو وقتين؟ ولم يعلم سبق إحديهما(١) وجبت إعادة الجمعة عليهم جميعا؛ إذ لا مزية لإحديهما على الأخرى، فتبطلان جميعًا.
  قيل (الفقيه يحيى): ولو كان في إحديهما الإمام الأعظم.
  وقيل: بل يصح التي فيها الإمام الأعظم، ويعيد الآخرون ظهرًا(٢)؛ والأصل في ذلك أن المعلوم من حال النبي ÷ والصحابة من بعده أنهم لم يكونوا يقيمون في البلد الواحد إلا جمعة واحدة.
  وعن المنصور بالله: أنه يجوز إقامة الجمعة في موضعين، ولو كان بينهما دون ميل، لا في موضع واحد(٣).
  قيل (الفقيه يحيى): أو واحدة بعد أخرى للعذر، كضيق المكان.
  فأما إذا كان بين الموضعين ميل فما فوق فإنهما تصحان كلتاهما ولو وقعتا في وقت [واحد](٤).
  وعن الشافعي: أنه لا يجوز أن تقام في البلد الواحد إلا جمعة واحدة، ولو اتسع البلد وكثرت مساجده(٥)؛ لما تقدم.
  قال بعض الشافعية: إلا إذا عسر اجتماع أهل البلد في مكان واحد، فإنه يجوز تعدد الجمعة حينئذ بحسب الحاجة. قال: ولهذا لم ينكر الشافعي تعددها ببغداد حين دخلها(٦).
  قوله أيده الله تعالى: (وإن علم أو التبس أعاد آخرٌ أوكلٌ(٧) ظهرًا) في هذه العبارة لف ونشر، أي وإن علم الترتيب: أي سبق إحدى الطائفتين بعينها، فلا إعادة عليهم،
(١) في (ب): أحدهما.
(٢) شرح الأزهار ١/ ٣٥٨، والتذكرة الفاخرة ص ١٢٩، والتحرير ١/ ١١١، والانتصار ٤/ ٧٢.
(٣) المهذب في فتاوى الإمام المنصور ص ٧٠.
(٤) ينظر: المصادر السابقة.
(٥) المهذب ١/ ٣٥٧، وروضة الطالبين ص ١٨١، وهو قول مالك. عيون المجالس ١/ ٤١٥.
(٦) مغني المحتاج ٢/ ٢٨١، وروضة الطالبين ص ١٨١، وعند الحنابلة: إذا كان البلد كبيرًا بحيث يشق على الناس الاجتماع في جامع واحد صلوا في جوامعه كلها. المغني ٢/ ١٨٤.
(٧) في الأصل: آخرًا وكل، وهو سهو من الناسخ.