كتاب الصلاة
  وسواء كان المتبوع ممن تجب طاعته أو يجب مخالفته؛ فإنه يصير مقيمًا بإقامته.
  وإن كان في عزمه مخالفته وأنه لا يقيم معه لم يصر مقيمًا بإقامته ولو كان ممن يلزمه طاعته؛ لأن سفر الطاعة والمعصية سواء في وجوب القصر.
  وإن كان لا عزم له على أي الوجهين فحكمه حكم الأجنبي الذي لا علاقة له بهذا المتبوع.
  والأجنبي إذا دخل بلدًا ولا عزم له على الإقامة فيه بقي على الأصل: وهو السفر، فهذا هو(١) الذي ترجح لنا من حال المتبوع مع التابع(٢)، وينبغي حمل كلام الأئمة عليه؛ لأنه أقرب إلى ملاءمة الأصول، اللهم إلا أن يوجد لهم نص صريح في أن التابع يصير مقيما بإقامة المتبوع ولو في عزمه خلافه، فإذا جاء النص بطل القياس. انتهى بلفظه.
  وهو مبني على أن التابع غير مجبر(٣) على المتابعة؛ لئلا يناقض ذلك ما تقدم ذكره في المكره على السفر والمحمول قسرا، وذلك ظاهر، والله أعلم.
  البحث الثامن: في من عزم على إقامة عشر أو أكثر في موضع أو مواضع متصلة كما تقدم.
  فقيل: لا بد أن تكون هذه الأيام متصلة، فلو عزم مسافر على إقامة سنة أو أكثر في موضع، على أن يخرج منه في كل عشرة أيام إلى موضع خارج من ميل ذلك البلد؛ لزيارة رحم، أو قضاء حاجة، أو نحو ذلك، فيحتمل أن يقال: لا يزال يقصر؛ لأنه لم ينو إقامة عشرة أيام متصلة، ويحتمل أن يقال: يتم؛ لأن مثل هذه الأمور يفعلها المقيم، وأيضًا فإنه لا يسمى مسافرًا، قال في الغيث: وهذا أقرب(٤). قال: واعلم أن العشر أيضًا لا بد أن تكون غير يومي الدخول والخروج؛ لأنه لا يستكمل الإقامة إلا بذلك(٥).
  البحث التاسع: فيمن دخل في الصلاة بنية القصر، ثم عرض له العزم على الإقامة حال صلاته، فالمختار أنه يتمها أربعًا، ويبني على ما قد فعله، ولا يلزمه استئنافها من أولها عندنا، ذكره السيد أبو طالب، وهو مروي عن زيد بن علي، والناصر، والمؤيد بالله،
(١) في (ب): فهذا الذي ترجح.
(٢) شرح الأزهار ١/ ٣٦٤.
(٣) في (ب): غير مخير.
(٤) شرح الأزهار ١/ ٣٦٤، والتذكرة الفاخرة ص ١٣٠، والبيان الشافي ١/ ٢٧٧.
(٥) شرح الأزهار ١/ ٣٦٣.