وقد قيل: إن الوجه في ذلك أنها ذكر لله محض كالتسمية، فلو شرعت التسمية قبلها لأدى ذلك إلى التسلسل، وليس المراد بالتسمية خصوصية بسم الله الرحمن الرحيم، بل كل ذكر لله يقصد به التبرك والتيمن، كما هو الظاهر من الأحاديث السابقة، وكما هو منصوص عليه في الكتب الفقهية⁣^(⁣١). والله أعلم.

  وفي الآيات التي من وسط السورة خاصة كون البسملة في القرآن الكريم علامة لابتداء السورة.

  والأمر الثاني: ما كان من أفعال القلوب كالأنظار والإرادات والاعتقادات، فإنه لم يؤثر فيها استحباب البداية بالتسمية، ولعل الوجه في ذلك كون ذكر الله على [قلب المسلم]⁣^(⁣٢) سَمَّى أو لم يسم، كما ورد في بعض الأحاديث، فلما كان الفعل بالقلب اكتفي بما هو حاضر [فيه من ذكر الله عن النطق به]⁣^(⁣٣). والله أعلم.

[هل البسملة آية من كل سورة؟]

  وقد اختلف العلماء - رحمهم الله تعالى - في البسملة: أهي آية من أول⁣^(⁣٤) كل سورة، أم لا؟ والمختار أنها كذلك⁣^(⁣٥).

  وقيل: إنما كتبت للتبرك والفصل بين السور، واتفقوا على أنها بعض آية من سور النمل⁣^(⁣٦).

= الشافعي فيما نقله العبادي. قال الفراء: ويتأكد عند قراءة، نحو: {إِلَيْهِ يُرَدُّ عِلْمُ السَّاعَةِ}⁣[فصلت: ٤٧]، {وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَ جَنَّاتٍ مَعْرُوشَاتٍ}⁣[الأنعام: ١٤١]؛ لما في ذكر ذلك بعد الاستعاذة، من البشاعة، وإيهام رجوع الضمير إلى الشيطان. ينظر: الإتقان في علوم القرآن ١/ ٤٩٦، ومفتاح السعادة للعجري ١/ ٤٣٦.

(١) ينظر: مفتاح السعادة للعجري ١/ ٤٨٣، واللباب في شرح الكتاب، للشيخ عبد الغني الغنيمي الدمشقي الميداني الحنفي (ت: ٤٢٨ هـ) - دار الكتب العلمية - بيروت ١/ ٩، ومفتاح السعادة ١/ ٤٣١.

(٢) في (ب): في قلب كل مسلم.

(٣) ما بين القوسين ساقط من (ش). وينظر: مفتاح السعادة للعجري ١/ ٤٨٢.

(٤) سقط من (ب، ج) كلمة: أول.

(٥) ينظر أصول الأحكام، للإمام أحمد بن سليمان - تحقيق د. المرتضى بن زيد المحطوري - مكتبة بدر - ط ١ (١٤٢٥/ ٢٠٠٤ م). ١/ ١١٣، والكشاف للزمخشري ١/ ٢٥، والحاوي الكبير، للإمام أبي الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي (ت: ٣٦٤ - ٤٥٠ هـ) - دار الفكر للطباعة والنشر - (١٤١٤ هـ/١٩٩٤ م). ٢/ ١٣٥، والنشر في القراءات العشر ١/ ٢٧٠، وتفسير مفتاح الغيب للفخر الرازي ١/ ٢٠٨، والمستصفى من علم الأصول، لأبي حامد الغزالي - دار الكتب العلمية - ط ١ (١٣٢٤ هـ) ١/ ١٩٤. وجمال القراء وكمال الإقراء، لأبي الحسن علي بن محمد السخاوي (ت: ٦٤٣ هـ، تحقيق: علي حسين البواب - مكتبة الخانجي القراءة - ط ١ (١٤٠٨ هـ/١٩٨٧ م) ١/ ١٩٠.

(٦) ينظر: جمال القراء وكمال الأقراء ١/ ١٩٠، وتفسير مفاتيح الغيب للرازي ١/ ٢٠٣، والمستصفى من =