كتاب الصلاة
  فإن زال الخوف وفي الوقت بقية كان حكم(١) الطائفة الأولى كحكم المتيمم إذا وجد الماء.
  الشرط الرابع: أن يكونوا غير طالبين للعدو، بل مطلوبين أو في حكمهم، كما تقدم؛ لقوله تعالى: {إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ}(٢) الآية؛ ولأنهم إذا تركوا الطلب أمكنتهم صلاة الأمن.
  وقوله: "إلا لخوف كَرٍّ" معناه: إلا أن يطلبوا العدو مخافة أن يصول عليهم إذا تركوا طلبه؛ فإنها تصح صلاتهم حينئذ؛ إذ هم في حكم المطلوبين، ولو كانوا طالبين. ذكر معناه أبو طالب، والمنصور بالله @(٣).
  قال في الانتصار: وسواء كان الخوف على نفس أو مال لهم أم لغيرهم، وسواء خافوا على نفوسهم أم على غيرهم، مسلمين أو(٤) ذميين(٥). وقد أفادت ذلك عبارة الكتاب بظاهرها.
  قوله أيده الله تعالى: (فيصلي الإمام بطائفة ركعة، وينتظر في الأخرى ليخرجوا، وتدخل الباقية) هذه صفة صلاة الخوف عندنا، وهي أن يقسم الإمام المسلمين طائفتين، فتقف إحداهما بإزاء العدو متسلحين، ويفتتح الإمام الصلاة بالأخرى، فيصلي بهم ركعة، ثم يقوم للركعة الثانية، ويقومون معه، فيطوِّل الإمام قراءته في الركعة الثانية، وتعزل الطائفة الأولى صلاتهم عنه عقيب قيامه إلى الركعة الثانية، فيتمون صلاتهم فرادى، ويسلمون، وينصرفون، فيقفون في موقف أصحابهم، وتأتي الطائفة الأخرى الذين كانوا بإزاء العدو فيدخلون مع الإمام في ر كعته الثانية حال قيامه كاللاحقين، فإذا سلم قاموا فأتموا صلاتهم. هذا مذهب الهادي، والقاسم، والسادة(٦)، وهو المروي(٧) عن علي، وابن عباس، وجماعة من الصحابة؛ لظاهر الآية، ولحديث سهل بن أبي حَثْمَةَ - بالحاء المهملة
(١) في (ب): كان حكمه حكم.
(٢) سورة النساء: ١٠١.
(٣) قال في التحرير ١/ ١١٥: وإذا كان المصلي طالبا للعدو والعدو مطلوبا لم تصل صلاة الخوف، على قياس قول يحيى.
(٤) في (ب، ج): أم ذميين.
(٥) الانتصار ٤/ ٢٨٣.
(٦) ينظر: المنتخب ص ٥٣، وأصول الأحكام ١/ ١٦٦، وهو قول المالكية، والشافعي، إلا أن الشافعي يشترط أن ينتظر الإمام فراغهم ثم يسلم بهم. ينظر: عيون المجالس ١/ ٤٢٥، وبداية المجتهد ١/ ١٧٦.
(٧) في (ب): وهو مروي.