أساس البلاغة،

محمود بن عمر الزمخشري (المتوفى: 538 هـ)

حدق

صفحة 117 - الجزء 1

  عن الأخبار: تبحّثْتُ عنها لأعلم ما لا يعلمه غيري. وتقول: ما زال يَتَحَسّسُ ويَتَحَدّسُ حتى خبر. وسَرَوْا في حِنْدِسِ الليل، وفي حَنَادِسِ الظُّلَمِ، وهو من الحَدْسِ الذي هو نظر خَافٍ.

  حدق - هم في مثل حَدَقَةِ البعير أي في خِصْبٍ وماء كثير، وهي موصوفة بكثرة الماء. وهم رُماةُ الحَدَق: للمَهَرَةِ في النضال. وتقول: الرامي إذا حَذَقَ لم يخطئ الحَدَق.

  وتكلّمتُ على حَدَقِ القوم أي وهم ينظرون إليّ؛ قال أبو النّجم:

  وكِلْمَة حَزْمٍ تُغِصُّ الخَطيب ... على حَدَقِ القوْمِ أمضَيتُها

  وحَدّقَ إليّ ونظر إليّ بتَحْديقٍ، وحَدَقَه بعينه: نظر إليه فهو حادِقٌ. ورأيتُ المريضَ يَحْدِقُ يمنة ويسرة. ورأيتُ الذبيحة حادِقَةً. وقد أحدَقُوا به إذا أحاطوا.

  ومن المجاز: ورد عليّ كتابُك، فتنزّهتُ في أَنَقِ رياضه، وبهجةِ حَدائِقِه. وفلان قد أحْدَقَتْ به المنيّة.

  حدل - هو أحْدَبُ أحْدَلُ أي مائل الشِّقّ قد ارتفع أحد مَنْكِبَيْه على الآخر، أو ذو خصية واحدة، وبه حَدَبٌ وحَدَلٌ. وإنّه لحَدْل غير عَدْل.

  حدم - احْتَدَمَ الحَرُّ، واحتَدَمَ النهارُ: اشتَدّ حرّه، وخرجت في نهار من القيظ مُحْتَدِم. وسمعتُ حَدَمةَ النار وهي صوت التِهابِها. وقِدْرٌ حُدَمَةٌ بوزن حُطَمَة: سريعةُ الغلي، وضدّها الصَّلُودُ.

  ومن المجاز: احْتَدَمَ صدرُ فلان غيظاً، وهو يَتَحَدّم عليّ: يتَغَيّظ. ودمٌ مُحْتَدِمٌ: شديد الحمرة. وشرابٌ مُحْتَدِمٌ: شديد السَّوْرَةِ، وقد احتَدَم الشّرابُ. وسمعتُ حَدَمَةَ السّنّوْرِ وهي صوت حلقه، شبّه بصوت اللهب، وكذلك حَطَمَتُه وهَزَمَتُه.

  حدو - حَدَا الإبِلُ حَدْواً، وهو حادي الإبل وهم حُداتُها، وحَدَا بها حُداءً إذا غَنّى لها، وما أملحَ حُدَاءه، وبينهم أُحْدِيّةٌ يَحْدُونَ بها أي أُغنيّة. وحَدَا الحمارُ أُتُنَه؛ قال:

  حادي ثلاثٍ منَ الحُقْبِ السَّماحيجِ

  ومن المجاز: يقال للسهم إذا مرّ، حَدَاه ريشُه وهَدَاه نصلُه. وحَدَوْتُه على كذا: بعثتُه. والشَّمَالُ تَحْدو السحابَ، وهي حَدْوَاءُ؛ قال العَجّاج:

  حَدْوَاءُ جاءتْ من جبال الطُّورِ

  وطلع حَادي النّجم أي الدَّبَرَانُ. وتحدّى أقرانَه إذا باراهم ونازعهم الغَلَبَةَ، وتحدّى رسول الله ÷ العربَ بالقرآن، وتحدّى صاحبَه القراءةَ والصّرَاعَ، لينظر أيّهما أقرأُ وأصرَعُ، وأصلُه في الحُداء، يتبارى فيه الحادِيان ويتعارضان، فيتحدّى كلّ واحد منهما صاحبَه، أي يطلب حُدَاءه كما تقول توفّاه بمعنى استَوفاه. وأنا حُدَيّاكَ أي معارضُك؛ قال:

  أنا حُدَيّا كلّ مَن يمشي بظَهرِ العَفْرِ

  حذذ - حَذّ الشيءَ وهَذّه: أسرَعَ قَطْعَه، وأعطاه حُذّةً من لحم وحُزّةً. وفرسٌ أحَذُّ: خفيفُ هُلْبِ الذّنَبِ أو مقطوعُه. وقَطَاةٌ حَذّاء: قليلةُ ريش الذّنَبِ، أو سريعةُ الطيران. وسيفٌ أحَدُّ: سريع القطع. وناقَةٌ حَذّاءُ: سريعة السير. وقَرَبٌ حَذْحَاذٌ وحَثْحَاثٌ: سريع.

  ومن المجاز: قصيدةٌ حَذّاءُ: سيّارة، أو منقّحة لا يتعلق بها عيب. وحاجة حذّاء: سريعة النفاذ والنُّجْحِ. وعزيمة حَذّاء: ماضيةٌ لا يلوي صاحبُها على شيء؛ قال الراعي:

  وطَوَى الفُؤادَ على قضاء عزيمَةٍ ... حَذّاءَ واتّخَذَ الزِّمَاعَ خَليلا

  وحَلَفَ بيمينٍ حَذّاءَ وهي المنكرة التي يُقطع بها الحقّ. وولّت الدنيا حَذّاءَ مُدبِرَةً: سريعةً لم يتعلّق أهلها منها بشيء. وأمرٌ أحَذُّ: منكر شديد منقطع الأشباه، أو كأنّه ينفلت من كلّ أحد، لا يقدرون على تداركه وكفايته؛ قال الطِّرِمّاح:

  يَقْرِي الأُمُورَ الحُدَّ ذا إرْبَةٍ ... في لَيّها شَزْراً وإمْرَارِها

  وسيرٌ أَحَدُّ: شديد السرعة مُنكَرٌ؛ قال:

  فهاتي لَنا سَيراً أحَدَّ عَشَنْزَرَا