أساس البلاغة،

محمود بن عمر الزمخشري (المتوفى: 538 هـ)

غمي

صفحة 457 - الجزء 1

  إذا الشّخصُ فيها هَزّهُ الآلُ أغمضَتْ ... علَيهِ كإغماضِ المُغَضِّي هُجولُها

  وأتاني كذا على اغتماضٍ أي عَفْواً من غير تكلّفٍ له؛ قال أبو النّجم:

  والشِّعرُ يأتيني على اغتِماض ... كَرْهاً وطَوْعاً وعلى اعْتِراض

  أي أعترِضُه فآخُذ منه حاجتي. ويقال لمن جاء برأيٍ سديد: لقد أغْمَضتَ في النَّظر إغماضاً. وأغْمِض لي فيما بعته أي زِدني فيه لرَداءتِه أو حُطَّ لي من ثَمَنه {إِلَّا أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ}. وتقول: لا تُمَرِّض في إحسان أخيك بعض التَّمريض وغمِّضْ عن إساءته كلّ التَّغميض.

  غمط - غَمَطَ النّعمَةَ: احتَقَرَها ولم يشكرها. وفلان يَغْمِط النّاسَ ويهْمِطهم، وهو غَمُوط هَمُوط أي ظلوم. وتقول: من أزَلَّ اللهُ إليه نِعْمة فَلَم يَغْمِطها، صبَّ على شانِئه مِحْنَةً ثمّ لم يُمِطها. وتقول: فلانٌ إن وصل إليه خيرٌ غَمَطَ، وإن وصل إلى غيره غَبَط. وتقول: شرّ ما استُقبلتْ به الأيادي الغَمْط وخير ما شُيّعَتْ به البَسْط.

  غمق - أرض غَمِقَة: كثيرة الأنداء وَبِئَة. وعن عمر ¥: إن الأرْدُنَّ أرض غَمِقَه وإنّ الجابيَة أرض نَزِهَه. وأصابنا غَمَق البحر فمَرِضنا. وغَمِق الزّرعُ: خَمَّتْ رائحتُه من كثرة الأنداء. وغَمِق يومُنا، وليلةٌ غَمِقَة: لَثِقَة. وبُسْر مَغْموق ومُغَمَّق وهو الذي مُسَّ بالخَلّ والملح ثمّ تُرك في جَرَّة في الشّمس حتى يَلين. وتقول: لا يَتْرُك الرُّطَبَ إلى المُغَمَّق إلّا كلُّ مُحَمَّق.

  غمل - غَمَلَ الأديمَ: جعله في غُمَّة لينفَسِخ عنه صوفه، وأديم مَغمُول ومُنْغَمِل وغَمِلٌ، وقد غَمِل غَمَلاً. وغَمِل الجُرحُ: أفسده العِصَاب، وكذلك اللحم وكلّ شيء إذا غُمَّ فخمَّ. وتقول: ما هو بَعمِل إنّما هو غَمِل. وكلّ شيء غَمَمتَه: فقد غَمَلتَه. والبُسْر المغمول: الذي غُمّ ليلتين. وغُمل الرجلُ: تُركتْ عليه الثّياب ليَعْرَق.

  ومن المجاز: يومٌ مغمول: ليومٍ من أيّام العرب لم يكن مذكوراً؛ قال أبو وجْزَةَ:

  وبجَلْهَتيْ عَمّانَ يومٌ لم يكنْ ... لكُمُ إذا عُدَّ العُلى مغمُولا

  غمم - تقول: مثلك يَكْشِف الغَمّاء، ويكفي الداهيةَ الصَّمّاء؛ وهي الشديدة من الشدائد التي تَغُمّ، وإنّه لفي غُمَّةٍ من أمره إذا لم يَهْتَدِ للمخْرَج منه. وغُمَ عليهم الهلالُ، وهي ليلة الغُمَّى؛ قال:

  ليلَةُ غُمَّى طامِسٌ هِلالُها

  من غَمَ الشيءَ إذا غَطّاه. وجبهة غَمّاء، ورجُل أغَمُ. وما أقبح الغَمَم. وهم يحبّون النَّزَع ويكرهون الغَمَم؛ قال:

  فلا تَنْكِحي إنْ فرَّقَ الدّهرُ بَينَنا ... أغَمَ القَفَا والوَجهِ ليسَ بأنزَعَا

  وتقول المرأةُ: إذا كان الفَقْر والنَّزَع قَلَّ الجَزَع، وإذا اجتمع الفقر والغَمَم تضاعفت الغُمَم. وتفْترُّ عن مثل حَبّ الغَمام وهو البَرَد.

  ومن المجاز: سَحاب أغَمّ: لا فُرْجَة فيه؛ قال أبو وجزة:

  أغمُ رَبابُه سَرِبٌ كُلاهُ ... هَزِيمٌ رعدُه تَرَعُ الدِّلاء

  ويقولون: أحمى فلانٌ غمامةَ وادي كذا إذا جعلها حِمًى لا يُقْرَب: يريدون ما يُنْبِتُه من العُشْب.

  غمي - لقد أُغْميَ يومُنا وليلتُنا إذا لم يُرَ فيهما شمس ولا قمر، ويوم مُغْمًى وليلة مُغْمَاةٌ. وفي الحديث: «فإن أُغْميَ عليكم» ورويَ: غُمَّ عليكم، ومنه: أُغْميَ على الرجل. وغَمَّيتُ البيتَ: سقَّفته، وبيت مُغَمًّى: مسقَّف، وغِماؤه وغَماه: سقْفُه، بالمدّ والكسر وبالفتح والقصر، وتقول: بَيت مُعَمَّى وبيت مُغَمَّى. ويقال: تركتُ فلاناً غَمًى، كقولك: لَقًى أي مُغمًى عليه.

  غنج - امرأة غَنِجَة ومَغْنوجة، وقد غَنِجتْ وتغنَّجَتْ، وبها غُنُجٌ وغُنْجٌ؛ قال أبو عمرو: سمعتُ أعرابيّاً فصيحاً من بَلْعَنْبر يقول: جَوَارٍ مَغنوجة؛ وأنشدني:

  استجهلتْه المهارَى في أزِمّتها ... وراجِحاتُ التُّلى مَغنوجَةٌ عِينُ

  التُّلى الأعْجاز.