أساس البلاغة،

محمود بن عمر الزمخشري (المتوفى: 538 هـ)

عصر

صفحة 422 - الجزء 1

  وفلان يتعصّب لقومه. ونبض منه عِرْقُ العصَبيّة. ولحم عَصِبٌ: صُلبٌ كثير العصَب. والأمور تُعْصب برأسه؛ وقال النّابغة:

  حتى تراءَوه مَعصُوباً بلِمّتِه ... نَقْعُ القنابل في عِرنينِه شَمَمُ

  عصر - كلُّ نفسٍ طريدةُ عَصْرَيها؛ قال المتلمّس:

  ولن يلبث العَصْران يوْمٌ وليلةٌ ... إذا طَلَبا أن يُدرِكا ما تَيَمّمَا

  وما فعلتُ ذلك عُصْراً ولعُصْرٍ أي في وقته. ونام فلان ولم ينم عُصْراً ولعُصْرٍ أي في وقت نومٍ. وتقول: مُنبّه بن سعد بن قيْس عَيْلان عصّره قولُه:

  أعُمَير إنّ أباكَ غيّر رأسَهُ ... مرُّ اللّيالي واختلافُ الأعصُر

  فكان يلقَّب بأعصُر بن سعد لهذا البيت. وهذا أمر قد تعصّرتُ الشبيبةَ به وبلغتُ الأشُدّ عليه. وشرِب عُصارة العنب وعُصارَه؛ قال الأخطلُ:

  حتى إذا ما أنضَجتْهُ شمسُهُ ... وأنَى فليسَ عُصارُه كعُصاري

  ومن المجاز: أنا معصور اللّسان أي يابسه عطشاً. وولَدُ فلان عُصارة كَرمٍ ومن عُصارات الكَرم. وفلان قد اشتفّ عُصارةَ أرضي أي أخذ غلّتها. وأعطاه شيئاً ثمّ اعتصرَه أي ارتجعه. وفي الحديث: «لا بأس أن يعتصِر الواهبُ ممّن وهبَ». ويقال للمستغزِر: المُعتصِر. وفلان منيع المعتصَر كريمُ المُعتَصَر أي منيع الملجإ كريم عند المسألة. ويقال: فلان عُصْرتي وعَصَري ومُعْتَصَري. واعتصرتُ به وعاصرتُه: لُذتُ به واستغثتُ. واعتصَرَ الغَصّانُ بالماء؛ قال عَدِيّ:

  كنتُ كالغَصّان بالماء اعتصاري

  وتقول: وعدُه إعْصار ليس بعده إعصار؛ من أعصرتِ السّحابة {وَأَنْزَلْنا مِنَ الْمُعْصِراتِ ماءً ثَجَّاجاً}؛ وقال الشمّاخ:

  إذا اجتهدا التّرويحَ مَدّا عَجاجَةً ... أعاصِيرَ ممّا تَستثيرُ خُطاهُما

  أراد الرّواحَ إلى بَيْضِهما يعني الظّليم والنّعامة. وجارية مُعْصِر من جَوارٍ معاصيرَ. وتعصَّر الرّجلُ: بكى؛ قال جريرٌ:

  إذا ذَكرَتْ لَيلى جُبَيراً تَعصّرَتْ ... وليسَ بشافٍ داءها أن تَعَصّرَا

  وعصَرَ الرّكضُ الفرسَ: عرّقه؛ قال أبو النّجم:

  يَعصِرُها الرّكضُ بِطَشٍّ يَهْطلُه

  وعصر البارحُ العِيدانَ: أيبسها؛ قال الأخطلُ:

  شَرّقن إذ عصرَ العيدانَ بارحُها ... وأيبست غير مَجْرَى السُّنّة الخضر

  ومرّتْ ولذيلها عَصَرة أي غَبَرة من كثرة الطّيب.

  عصف - ريح عاصِف ومُعْصِفة وهي أشدّ. ومن المستعار: عصَف بهم الدّهر؛ قال عديّ:

  ثمّ أضحوْا عصَفَ الدّهرُ بهم ... وكذاكَ الدّهرُ حالٌ بَعد حالْ

  وقال الأعشى:

  في فَيلَقٍ شهباءَ مَلمومَةٍ ... تَعصِف بالدّارع والحاسِر

  وناقة ونعامة عَصوف، وعصفتْ براكبها وأعصفتْ: شُبّهتْ بالرّيح في سرعة سَيْرها. ويقولون: إنّ سهمك لعاصف، وإن سهامك لعُصَّف إذا صافتْ عن الغرض. ويقال للخَمْر إذا فاحت: إنّ لها عَصْفَةً: شُبّهت فَغْمَةُ ريحها بعصفة الريح. وصاروا كعَصْف الزّرع وهو حُطام التّبْن ودُقَاقه، وكذلك العَصيفة والعُصافة. وتقول: عصف بهم الزّمانُ أشدَّ العصْف، وجعلهم كمأكول العصْف.

  عصفر - يقال للجائع: صاحت عصافيرُ بطنه. ووهب النُّعمانُ للنّابغة مائةً من عصافيره وهي نجائبُ كانت له انْتُهبَتْ يوم دَارَةِ مأسَلٍ؛ قال ذو الرّمّة:

  نجائب من ضرْبِ العصافير ضَرْبُها ... أخذنا أباها يومَ دارَةِ مأسل