أساس البلاغة،

محمود بن عمر الزمخشري (المتوفى: 538 هـ)

بعث

صفحة 44 - الجزء 1

  ويقول الحَجّامُ للرجل: تَبَظْرَمْ، فيرفع بطرَفِ لسانِه شفتَه العُليا حتى يَحِفّ شارِبَه. ورُدَّ خاتَمَكَ إلى بَظْرِه، وهو موضعه من الخِنْصَرِ.

  بعث - بَعَثَ اللهُ الرّسولَ إلى عِبادِه، وابتَعَثه. ومحمّدٌ رسول الله خيرُ مَبعوثٍ، ومُبْتَعَثٍ. وفي حديث المَبْعَثِ كذا. وبَعَثَه من مَنامِه، وبَعَثَه على الأمرِ. وتَوَاصَوْا بالخَيرِ وتَباعَثُوا عليه. وبَعَثَه لكذا فانْبَعَثَ له. و {كَرِهَ اللهُ انْبِعاثَهُمْ فَثَبَّطَهُمْ}. وفلانٌ كسلانٌ لا يَنْبَعِثُ. وبَعَثَ الشيءَ وبَعثرَه: أثارَه؛ قال:

  فبَعَثْتُها تَقِصُ الإكَامْ

  وفلانٌ يَكْرَه الانْبِعاثَ، كأنّما بُعثَ ليوم بُعَاث وهو يوْمٌ بينَ الأوْسِ والخزْرَج. ويَوْمُ البَعثِ: يوم يَبْعَثُنا الله تعالى من القُبورِ. ورجُلٌ بَعِثٌ لا يزال يَنْبَعِثُ من نَومِه. قال حُمَيْدُ بنُ ثَوْرٍ:

  يَهْوِي بأشْعَثَ قد وَهَى سِرْبالُه ... بَعِثٍ تُؤرّقُهُ الهُمُومُ فَيَسْهَرُ

  وضُرِبَ البَعْثُ عليهم. وخرج في البُعوثِ وهم الجُنودُ يُبْعَثُونَ إلى الثّغُور.

  بعثط - دارِي من البَطْحاءِ في أوْسَطِها وفي سُرّتها وبُعثُطِها.

  بعج - بَعَجَ بَطْنَه.

  ومن المجاز: بَعَجَ أرْضَه: شَقّها. وبَعَجَه حبُّ فلانةَ إذا أُبْلِغَ إليه. وبَعَجْتُ له بَطْني إذا أفْشَيْتَ إليه سِرّك؛ قال الشّمّاخ:

  بعَجْتُ إليهِ البَطْنَ ثمّ انْتَصَحْتُهُ ... وما كُلّ مَن يُفْشَى إليهِ بِنَاصِحِ

  أي استَنْصَحْتُه. وبَعَجَتِ الأرْضَ عَذَاةٌ طَيّبَةُ التُّرْبةِ: تَوَسّطَتْها. وقال أعرابيّ: أرْضٌ بَعَجَتْها العَذَوَاتُ وحَفّتْها الفَلَوَات؛ فلا يَمْلَوْلِحُ ماؤها ولا يُمْعِرُ جَنَابُها. وبُعِجَتِ الأرْضُ آباراً: حُفِرَتْ فيها آبارٌ كثيرةٌ. وفي الحَديث: «إذا رَأيْتَ مكّةَ بُعِجَتْ كَظائِمَ وسَاوَى بِناؤها رُؤوسَ الجِبالِ فاعْلَمْ أنّ السّاعةَ قد أظَلّتْ». وتبَعّجَ السّحَابُ: انْفَرَجَ عن الوَدْقِ؛ قال العَجّاجُ:

  حيثُ اسْتَهَلّ المُزْنُ أوْ تَبَعّجَا

  وانْبَعَجَتْ دُفْعَةٌ من مَطَرٍ، وانْبَعَجَ عليّ بالكلامِ، ودُفِقَتْ مَبَاعِجُ الوَادي وبَوَاعِجُه وهي مُتّسَعاتُه التي يَتَبَعّجُ فيها السّيْلُ.

  بعد - أمّا بعدُ فقد كان كذا. وأتيتُه بُعَيْداتِ بَينٍ إذا أتَيتَه بعد حينٍ؛ وأنشَدَ أبو زيدٍ:

  وأشْعَثَ مُنْقَدِّ القَمِيصِ أتَيْتُهُ ... بُعَيْداتِ بَينٍ لاهِدَانٍ ولا نِكْسِ⁣(⁣١)

  وتَنَحَّ غيرَ بَاعِدٍ وغيرَ بَعَدٍ أي غَيرَ صَاغِرٍ. ولا تَبْعُدْ، وإن بَعُدْتَ عني فلا بَعِدْتَ. وتقول: بُعْداً وسُحْقاً وقُبْحاً ومَحْقاً. وهو مُحْسِنٌ إلى الأباعِدِ دون الأقارِبِ؛ قال:

  من النّاسِ مَن يَغشَى الأباعِدَ نَفْعُه ... ويَشْقَى بهِ حتى المَمَاتِ أقَارِبُهْ

  فإنْ يَكُ خَيرٌ فالبَعِيدُ يَنَالُهُ ... وإنْ يَكُ شَرٌّ فابنُ عمّك صَاحبُهْ

  وفلانٌ يَستَجرّ الحديثَ من أبَاعِدِ أطْرَافِه. وأبْعَدَ اللهُ الأبْعَدَ. و «مَثَلُ العَالِمِ كَمَثَلِ الحَمّةِ يأتِيها البُعَدَاء ويترُكُها القُرَبَاء». وأبْعَدَ في السّوْمِ وأبْعَطَ فيه إذا أشَطّ. وإن قلتَ كذا لم أُبْعِدْه ولم أستَبْعِدْه. وقلتُ قولاً بَعِيداً، وما أبعَدَه من الصّوابِ. وبَاعَدَني وتَبَاعَدَ مني وابْتَعَدَ وتَبَعّدَ؛ قال عُمَرُ بنُ أبي رَبِيعَةَ:

  اذهَبْ فَدَيْتُكَ غَيرَ مُبْتَعِد ... لا كانَ هذا آخِرَ العَهْدِ

  وكانوا مُتَقارِبينَ فتَباعَدوا. ويقال: إذا لم تَكُنْ من قُرْبان الأميرِ فكُنْ مِنْ بُعْدَانِه لا يُصِبْك شَرُّه، جَمْعُ قَرِيبٍ وبَعِيدٍ، كذليلٍ وذُلّانٍ. وفلانٌ بَعيدُ الهمّةِ وذو بُعْدَةٍ؛ قال الشَّنْفَرَى: