أساس البلاغة،

محمود بن عمر الزمخشري (المتوفى: 538 هـ)

عذر

صفحة 412 - الجزء 1

  عذر - «قد أعذر من أنذر». أي بالغ في العذرِ أي في كونه معذوراً، وأعذر فلانٌ وما عذّر، ويقال: مَن عذيري مِن فلان وعذيرك من فلان؛ قال عمرو بن معديكرب:

  أريدُ حياتَه ويريدُ قَتلي ... عَذيرَك من خَليلك من مُرادِ

  ومعناه هلمّ من يعذِرك منه إن أوقعتَ به يعني أنّه أهل للإيقاع به فإن أوقعتَ به كنت معذوراً. ومنه قوله عليه الصلاة والسلام: «لن يهلك النّاس حتى يُعذِروا من أنفسهم». واستعذر النبيّ ÷ من عبد الله بن أُبيّ أي قال: «عَذيري من عبد الله». وطلبَ من النّاس العذرَ إن بَطَش به. ويقال للمفرّط في الإعلام بالأمر: والله ما استعذرتَ إليّ، وما استنذرت إليّ؛ أي لم تقدّم الإعذار ولا الإنذار. وفلان ألقى معاذيره. وهذه دُرّة عذراء: للتي لم تُثقب، ورملة عذراء: للتي لم توطأ؛ قال الأعشى:

  تَستر عذراءَ بَحْرِيّةً ... وتبرز كالظبيِ تمثالها

  وطالت عُذْرة الفرس وهي شعر ناصيته، وأعذَرَ الفرسَ: جَعل له عِذاراً. وعذّره: وضعه عليه. وهو طويل المُعَذَّر وهو موضع العِذار. وخلع فلان عذاره ومعذَّره إذا تشاطر. ولوى عِذاره عنه إذا عصاه. وفلان شديد العِذار ومستمرّ العِذار يُراد شدّة العزيمة؛ وقال أبو ذؤيب:

  فإنّي إذا ما خُلّةٌ رثّ وصلُها ... وجَدّتْ بصُرم واستمرّ عِذارُها

  وكتب عبد الملك إلى الحجّاج: إنّي قد استعملتك على العراقين صدمةً فاخرج إليهما كميشَ الإزار شديدَ العِذار: أراد معتزماً ماضياً غير منثنٍ.

  ومن المستعار: وصلوا إلى عِذار الرّمل وهو حبل مستطيل منه. وغرسوا عِذاراً من النّخل وهو السّطر المتّسق منه. وأخذوا عِذارَي الطريق وهما جانباه، وعِذارَي الوادي وهما عُدوتاه؛ وقال ذو الرّمّة:

  وإن تعتذرْ بالمحْل من ذي ضُرُوعِها ... إلى الضّيف يجرحْ في عراقيبها نَصلي

  «وهو أبو عُذْرها» لأوّل من افتضّها، ثمّ قيل: هو أبو عُذْرِ هذا الكلام. وعُذِرَ الصّبيّ: طُهّر. وولد رسول الله معذوراً مسروراً. وكنّا في إعذار فلان وفي عَذيرته وهو طعام الختان. وبرئ الجرح فما بقي له عاذِرٌ أي أثر. وأعذرَ الرّجلُ إذا أبدى، من العَذِرة وأصلها: الفِناء. «ما لكم لا تنظّفون عَذِراتكم». «واليهود أنتن خلق الله عَذِرةً». وبات فلان عَذَوَّراً على قومه حتى قاموا على الضيف؛ قال:

  إذا نزل الأضْيافُ باتَ عَذَوَّراً ... على الحيّ حتى تستقلّ مراجلُهْ

  وهو المسيء خلقه المتفاحش عليهم من العَذِرَة.

  عذق - فلانٌ عَذْقُه في المجد باسقٌ وعِذْقُه في الكرم واسق. ويقال: في بني فلان عِذْق كهلٌ أي عزُّ قد بلغ غايته؛ قال تميم بن مقبل:

  وفي غطَفانَ عِذْقُ صِدقٍ ممنَّعٌ ... على رغمِ أقوامٍ من النّاسِ يانعُ

  وفلان معذوق بالشرّ: موسوم به من عَذَقتُ الشاةَ إذا ربطتَ في صوفها صوفة تخالف لونها. وهو أحلى من عَذْقِ ابن طابٍ وهو ضرْبٌ من التمر؛ قال كثيّر عزة:

  وهمْ أحلَى إذا ما لم تُثرْهُمْ ... على الأحناك من عَذْقِ ابن طابِ

  عذل - رجُلٌ عُذَلَةٌ خُذَلَةٌ وعَذّالَةٌ خَذّالَةٌ؛ قال تأبّط شرّاً:

  يا مَن لعَذّالة خذّالة أشِبٍ ... خَرّقَ باللّوْمِ جلدي أيّ تخرَاق

  وعذلته فاعتذل أي عذل نفسه وأعتب. ورمى فأخطأ ثمّ اعتذل أي عذل نفسه على الخطإ فرمى ثانية فأصاب.

  ومن المجاز: قول الرّاعي:

  ثمّ انصرَفتُ وظلَّ الحلمُ يعذُلني ... قد طالَ ما قادَني جَهلي وعنّاني

  كأنّه فرط فتدارك تفريطه بالإفراط لائماً نفسه على ما فرط منه. وقد اعتذلَ يومُنا إذا اشتدّ حرّه؛ قال: