أساس البلاغة،

محمود بن عمر الزمخشري (المتوفى: 538 هـ)

جلز

صفحة 97 - الجزء 1

  ومن المجاز: جلَدْتُه على هذا الأمر: أجْبرْتُه عليه. وإنّ فلاناً ليُجْلَد بخير أي يُظَنّ به الخَير.

  جلز - ما أعطاه جِلازَ سَوْطٍ، وهو ما يُجْلَزُ به أي يُعْصَبُ من عَقَبٍ وغيره، وكذلك جِلازُ نِصَابِ السكّينِ والقوس. وقيل: الجِلازَةُ أخصُّ من الجِلازِ، كما أن العِصابةَ أخصُّ من العِصَابِ، والجمع جَلائِزُ؛ قال الشّمّاخ:

  مُطِلٌّ بِزُرْقٍ لا يُدَاوَى رَمِيُّها ... وصفراءَ من نَبْعٍ علَيها الجَلائِزُ

  والجَلْزُ شدّةُ العَصْب، ومنه رجلٌ مَجْلُوزُ الخَلْقِ: مَعْصُوبُه. وهو جِلْوَازٌ من الجَلاوِزَةِ وهم الشُّرَطُ. وتقول: المَرَاوِزَه أكثرهم جَلاوِزَه. وعن بعض العرب: لا تَنْكِحَنّ حَنّانَةً ولا مَنّانَةً ولا ذاتَ جَلاوِزَةٍ، أي امرأة تحِنّ إلى زوجها الأوّل ولا ذات مُوَيْلٍ تتطاول به عليك ولا ذات أولاد. وسمّي الجِلْوَازُ لجَلْوَزَتِه، وهي شِدّةُ سعيه وذَفِيفُه بين يديْ أميره.

  جلس - هو حسنُ الجِلْسَةِ، وهذا جَليسُه وجِلْسُه ومُجالسُه. ولا تُجَالِسْ من لا تُجَانِسْ. وتجالَسوا فتآنَسوا. ورأيتُهم مَجْلِساً أي جالسينَ؛ قال ذو الرُّمّة:

  لهم مَجلِسٌ صُهْبُ السِّبالِ أذِلّةٌ ... سَوَاسِيَةٌ أحْرَارُها وعَبِيدُها

  ورآني قائِماً فاستَجلَسني. وجلَسَ القومُ: أَنجَدُوا، ورأيتُهم يَعْدونَ جالسينَ أي مُنجِدينَ. و «أعطى رسولُ الله ÷ بلالَ بن الحارث معادِنَ القَبَلِيّة: جَلْسِيَّها وغَوْرِيَّها».؛ وقال دُريد:

  حَرَامٌ عَلَيها أنْ تُرَى في حَياتِها ... كمثل أبي جَعْدٍ فغُوري أوِ اجلسِي

  وناقةٌ جَلْسٌ: مُشْرِفةٌ. وكأنّه كِسرى مع جُلَسائِه في جُلَّسَانِه، وهو قبةٌ كانت له يُنثرُ عليه من كُوًى في أعلاها الوَرْدُ، تعريبُ «كُلَّشَان».

  ومن المجاز: قول الشمّاخ:

  فأضْحَتْ على ماء العُذَيبِ وعَينُها ... كوَقْبِ الصَّفَا جَلْسِيُّها قد تَغَوّرَا

  أي غارَ ما كان مرتفعاً منها. وجَلَسَتِ الرَّخَمَةُ: جثَمَتْ. وفلانٌ جَليسُ نفسِه إذا كان من أهل العُزْلة.

  جلف - جَلَفْتُ ظُفُرَهُ عن إصْبَعِه: استأصَلتُه، وهو أبلغُ من جرَفْتُ. وجَلَّفَتِ السّنون أموالهم، وتعرّقتْهم الجَلائِفُ، وأصابتهُم جَلِيفَةٌ عظيمةٌ وهي السّنةُ؛ قال العُجَير:

  وإذا تَعَرّقَتِ الجَلائِفُ مالَهُ ... خُلِطَتْ صَحيحَتُنا إلى جَرْبائِه

  وتقول: من استُؤصِل بالجَلائِف اسْتُوصِلَ بالخَلائِف. وجَلَفَ الطّينَ عن رأسِ الدّنّ. وأطِلْ جَلْفَةَ قَلَمِك وهي من مبراه إلى سِنّه، سُمّيت بالمرّة من الجَلْف. يقال: جَلَفْتُه بالسيف جَلْفَةً إذا بَضَعْتَ من لحمِه بَضْعَةً. وعندي جِلْفُ شاةٍ وهي المسلوخة، جُلِفَ رأسُها وقوائمُها. وأعرابيّ جِلْفٌ: جافٍ.

  جلل - جَلّ في عيني، وجَلّ عن كَذا. وهذه ناقة تَجِلّ عن الإعياء؛ قال:

  بناجِيَةٍ تَجِلّ عنِ الكَلالِ

  وأجلَلْتُ فلاناً: وجدتُه جليلاً. وأنا أُجِلُّك عن هذا. وما له دِقٌّ ولا جِلٌ، ولا دقيقَةٌ ولا جَليلَةٌ. وأتيتُه فما أدقّني ولا أجلّني. وما أجلّني ولا أحشاني أي ما أعطاني من الجِلّة ولا الحاشية. وأخذ جُلَّه، وكُبْرَه، وعُظْمَه بمعنى. وهذا شيء جَلَلٌ أي هَيّنٌ؛ قال:

  ألا كُلُّ شيءٍ سِواهُ جَلَلْ

  وقومٌ أجِلّةٌ. وإبِلٌ جِلّةٌ. قال امرؤ القيس:

  ألا إن لم تكُنْ إبلٌ فمِعزَى ... كأنّ قُرُونَ جِلّتها العِصِيُ

  وجَلّتْ هذه الناقةُ: أسنّت. وفلان يتجالُ علينا: يتعاظم. وهو من إخواني وصُدْقاني وجُلّاني. وأنا أتجالُّه أي أُعَظّمُه. وركب فلانٌ الجُلّى، وركبوا الجُلَلَ، كالكبرى والكُبَر. وقرأ مجلّةَ لقمانَ أي صحيفَتَه. وكان ابنُ عبّاسٍ رضي الله تعالى عنهما إذا أنشد شعرَ أُميّةَ قال: مجلّةُ ابنِ أبي الصّلتِ.