أساس البلاغة،

محمود بن عمر الزمخشري (المتوفى: 538 هـ)

حذم

صفحة 118 - الجزء 1

  وقال الفرزدق:

  بعثْتَ على العراقِ ورافِدَيْهِ ... فَزَارِيّاً أحَذَّ يَدِ القَمِيصِ

  أي خَفيفَ الكُمّ، وصفَ الكمّ بالخفّة، والمرادُ خفةُ ما يشتمل عليه وهو اليد، وأراد بخفّة اليد السرقةَ، وقيل سرَقَ فقُطِعَتْ يدُه، فكمّه قصيرٌ خفيفٌ؛ وقال طرفة:

  وأرْوَعُ نَبّاضٌ أحَذُّ مُلَمْلَمٌ ... كمِرْداةِ صَخْرٍ في صَفيحٍ مُنَضَّدِ

  أراد القلبَ، وحذَذُه: خفّته وذكاؤه وسرعة إدراكه؛ وقال حسّان:

  لا تَعْدَمَنْ رجلاً أحَلّكَ بغضُهُ ... نَجْرَانَ في عَيشٍ أحَذَّ لَئيمِ

  فأراد خفّةَ الحال والفقر، من قولهم: رجل أحَدُّ: للخفيف ذاتِ اليدِ، أو أراد أنّه منقطعٌ عن الخير، لا يتعلّق به منه شيء.

  حذر - حَذِرْتُه، وحاذَرْتُه، وفَرّ خَذَرَ الموتِ، وحِذارَ الموتِ. ووقاك اللهُ كُلّ مكروه ومحذور. وتقول: ذَرْ لا تَحْذَرْ؛ وقال:

  حَذَارِ مِنْ أرْماحِنَا حَذَارِ

  أي احْذَرْ. وصَبّحَتهم المَحذورَةُ، وهي الخيل المُغيرة أو الصّيْحَة؛ قال الأعشى:

  قومٌ بُيُوتُهُمُ أمنٌ لجارِهِمُ ... يَوْماً إذا ضَمّتِ المَحْدُورَةُ الفَزَعَا

  أي جَمَعتِ الفزَعَ كلّه. ورجلٌ حِذْرِيَانٌ: شديد الحَذَر.

  ومن الكناية: رجلٌ حَذِرٌ وحَذُرٌ: متيقّظ محترز. وحاذِرٌ: مستعدّ؛ قال:

  فلا غَرْوَ إلّا يَوْمَ جاءتْ مُحارِبٌ ... إلَينا بألْفٍ حاذِرٍ قد تكَتّبَا

  لأن الفزِعَ متيقّظٌ ومتأهّبٌ.

  حذف - حَذَفَ ذَنَبَ فرسِه إذا قَطَعَ طرَفَه، وفرسٌ محذوفُ الذّنَبِ. وزِقٌ محذوفٌ: مقطوع القوائم. وحَذَفَ رأسَه بالسيف: ضربه فقطع منه قطعة. وحَذَفَ الأرنبَ بالعصا: رماها بها، يقال: الحَذْفُ بالعصا، والحَذْفُ بالحصى.

  ومن المجاز: حَذَفَه بجائزة: وَصَلَه بها. وما في رحله حُذَافَةٌ أي شيء يسيرٌ من طعام وغيره، وهي ما حُذِفَ من وشائِظِ الأديم وما أشبهه. وتقول: أكل فما أبقى حُذَافَه وشرب فما ترك شُفَافَه. وحَذّفَ الصانعُ الشيءَ: سوّاه تسوية حسنة، كأنّه حذَفَ كلّ ما يجب حذفُه، حتى خلا من كلّ عيب وتهذّب، ومنه فلان مُحَذِّفُ الكلام، وقيل لبنت الخُسّ: أيّ الصبيانِ شرّ؟ فقالت: المُحَذِّفَةُ الكلامِ، الذي يُطيعُ أمّه، ويعصي عمّه؛ والتاء للمبالغة؛ وقال امرؤ القيس:

  لها جَبْهَةٌ كسَرَاةِ المِجَنّ ... حذّفَهُ الصّانعُ المُقْتَدِرْ

  حذق - حَذَقَ السّكّينُ الشيءَ: قطعه، وسكّينٌ حاذِقٌ وحُذاقيّ؛ قال أبو ذُؤيْبٍ:

  يُرَى ناصِحاً فيما بَدَا وإذا خَلا ... فذلكَ سِكّينٌ على الحَلْقِ حاذِقٌ

  وحَبْلٌ أحْذَاقٌ: مقطَّع.

  ومن المجاز: حَذَقَ القرآنَ وحَذِقَهُ: أتمّ قراءتَه وقطعها. وحَذَقَ وحَذِقَ في صناعته، وهو حاذِقٌ فيها بيّن الحِذْقِ والحِذاقَةِ. وخَلٌ حاذقٌ وحُذَاقيّ، وحَذَقَ الخلُّ واللبنُ: أحرقَ اللسانَ، وأحذقه الحرُّ: جعله حاذقاً. وإنّه لحُذاقيّ اللسانِ: حديدُه بيّنُه، وإنّه ليتَحذلق علينا إذا أظهرَ الحِذْقَ، وادّعى أكثر ممّا عنده، وفيه حَذْلَقة وتَحَذْلُق؛ وهو من المُتَحَذلِقين، واللام مزيدة.

  حذم - حَذَمَ الشيءَ: أسرع قطعَه. وحَذَمَ في مِشْيَتِه وقراءتِه: أسرع، ومرَّ يَحْذِمُ. وقال عمر ¥ لمؤذّن بيت المقدس: «إذا أذّنتَ فترسّلْ وإذا أقمتَ فاحذِمْ».

  حذو - جلستُ حِذاءهُ وبحذائِه، وحاذَيْتُه وحَذَوْتُه: صِرْتُ بحذائِه. وداري حِذاءَ دارِه، وحَذْوَها، وحِذَتَها. وَحَذَا لي النَّعّالُ نَعْلاً: قطعها على مثالٍ، وحذَوْتُ النَّعْلَ بالنعل: قطعتُها مماثلةً لها. واشتريتُ من الحَذّاء حِذاءً