أساس البلاغة،

محمود بن عمر الزمخشري (المتوفى: 538 هـ)

غدد

صفحة 446 - الجزء 1

  من باب فَزَّع وجَلَّد. وتقول: لبستُه على غَثيثَه ونفس خبيثه؛ أي على فَساد عَقل، من قولهم: جَمعتِ الجِراحةُ غَثيثَتها وهي المِدَّة، وقد أغثَّتْ. ويقال: أنا أتغثَّتُ ما أنا عليه وأستغِثُّه حتى أستَسْمِنَ يعني العمل الدُّون حتى آخُذ الكبيرَ.

  غثر - فلان من الغوغاء والغُثاءِ والغَثراء، ويقال لهم: الغَثَرُ والغَثَرَةُ. وفي حديث عثمان رضي الله تعالى عنه: إن هؤلاء النَّفَر رَعاع غَثَرَةٌ. وأكلتهم الغَثْراء وهي الضَّبُعُ أي هلكوا، سُمّيتْ لغُثْرَةٍ في لونها وهي كُدْرَة في غُبْرَة.

  غثي - فلان ما له غُثَاء وعَمَله هَبَاء وسَعْيه جُفَاء.

  غدد - «أغُدَّةً كغُدَّةِ البعير». وتقول: في كلامه غُدَد لها حَجْمٌ وعَدَد، وقد أغدّ البعير فهو مُغِدّ، ويستعار فيقال: أغَدَّ الرّجلُ فهو مُغِدّ إذا انتفخ من الغضب كأنّه بعير به غُدَّة. وتقول: ما لي أراك مُغِدّاً مُسمَغِدّاً.

  غدر - يا غُدَرُ ويا لَغُدَرُ ويا غَدَارِ. وتقول: استغزرت الذِّهاب واستغدرت اللِّهاب؛ أي صارت غُزْراً وغُدُراً، والذِّهْبَة: مَطْرة شديدة سريعة الذَّهاب، واللِّهْب: مَهْواةُ ما بين الجبلين.

  ومن المجاز: سَنَة غَدّارة إذا كثر مَطرُها وقلّ نباتُها. وفلان ثابت الغَدَرِ إذا ثبت في القتال والخِصام، وأصل الغَدَرِ: اللّخاقيق كأنّه يَغْدِر بسالكه، الواحدة: غَدَرَةٌ.

  غدف - أغدفَتْ دوني قِناعَها وأغدفتْ سِتْرها إذا أرسلتْه. وأُغْدِفَ بالصّيد إذا أُلقِيتْ عليه الشّبكة فأُحِيط به. وفي الحديث: «إنّ قلب المؤمن أشدّ اضطراباً من الذّنْب يصيبه من العصفور حين يُغْدَف به». وأغدَف بالمرأة: دخل بها؛ أنشد الجاحظُ:

  يَبيتُ أبوكَ بها مُغْدِفاً ... كما ساوَرَ الهِرَّةَ الثّعْلَبُ

  ومن المجاز: أغدَف اللّيلُ إذا أرخى سُدولَه وأظلَم، ومنه الغُداف: للغراب الأسود وللشَّعَر، يقال: شَعر غُداف كأنّه غُداف. وأغْدَفَ البحرُ: اعتكرتْ أمواجُه. وتقول: أتيتُه حين أسْدَف اللّيلُ وأسجف وأرخى قناعَه وأغدف.

  غدق - تقول: لمَعَتْ بُرُوقٌ صَوَادِق فهَمَعتْ سحابٌ غَوَادِق؛ قال الطرمّاحُ:

  فلا حَمَلَتْ بَصريَّةٌ بعد موْته ... جَنيناً ولا أمَّلْنَ سيْبَ الغَوادِق

  وماء غَدِقٌ وغَدَقٌ: كثير، وقد غَدِق غَدَقاً. ومكان غَدِق ومُغْدِق: كثير الماء مخصب. وعيش غَدِق ومُغْدق وغَيْدق وغَيْداق: واسع. وهم في غَدَقٍ من العيش. وعام وغيْث غَيْدق. وتقول: وَدَقتِ السّماء فأدَرَّت الغَدَق وأقَرَّت الحَدَق. وفلان ملآن كالعينِ الغَدِيقه في حدّ الوَديقه.

  غدن - أتذكُر إذ شَعرك غُدافيّ وشبابك غُدَانيّ؛ وهو النّاعم؛ قال رؤبة:

  بَعْدَ غُدَانيّ الشّبابِ الأبْلَهِ

  غدو - أتردّد إليه بالغَدَوات والعَشِيّات، وآتيه بالغَدَايا والعَشَايا. وهو ابن غَدَاتَين أي ابن يومين؛ قال ابن مُقْبل:

  إبن غداتين موْشِيٌّ أكارِعُه ... لمّا تُشَدّدْ به الأرْساغُ والزُّمَعُ

  وقد أغتَدي والطّيرُ في وكَناتِها

  واركب إليه غُدَيّةً. وغاديْتُه مع صَدْح الدّيك، وغادَوْنا بالقتال. واغْدُ عني بمعنى اذهب. ونشأتْ غادِيَة وادِقَة، وسقتْك الغوادي الغوادق. وهذا الطّعام لا يُغَدِّيني ولا يعشّيني، وهو عندنا غَدْيان وعَشْيان، وهي غديانة وعشيانة. وتقول: فلان يغاديه ويراوحه ثمّ يُعاديه ويُكاوحه.

  ومن المجاز: قول أرْبَدَ لعامرٍ: هل لك أن نتغَدّى به قبل أن يتعشّى بنا؟: يريد أن نُهلِكه قبل أن يُهلِكنا.

  غذذ - دعاني فجئتُه مُغِذّاً. وبتُ أُغِذّ والسّماء تُرِذّ؛ قال:

  أغذَّ بها الإدْلاجَ كلُّ شَمَرْدَلٍ ... من القوْمِ ضرْبِ اللّحم عاري الأشاجع

  ورأيتُ مهزُوماً يُغِذّ وجرحُه يَغِذّ؛ أي يسيل، يقال: به غاذٌّ أي جُرح لا يَرْقأ. وفي الحديث في ذكر المدينة: «لتَدَعُنَّها أربعين عاماً حتى يدخل الكلبُ أو الذّئب فيُغَذّي على سَوَاري المسجد»، يقال: غَذّى ببوله إذا رمى به دَفعةً دفعةً. وعن أبي البيداء: سمعتُ شيخاً بالبادية يقول: لا تُقْبَل