أساس البلاغة،

محمود بن عمر الزمخشري (المتوفى: 538 هـ)

عرق

صفحة 416 - الجزء 1

  وهو القيّم بأمرهم الذي عُرِف بذلك وشُهِر. وطعامٌ مُعَرَّفٌ: مأدوم بشيء من الإدام. والنّفس عارفة وعَروف أي صبور؛ قال أبو ذؤيب:

  فصَبرْتُ عارفَةً لذلك حُرّةً ... ترْسو إذا نفسُ الجبانِ تَطلَّعُ

  والعِرْفُ، بالكسر: الصّبْر؛ قال:

  قل لابن قَيسٍ أخي الرُّقَيّاتِ ... ما أحسن العِرْفَ في المُصِيباتِ

  وعرَف الرّجلُ واعترف؛ وأنشد الفرّاء يخاطب ناقته:

  ما لك ترْغينَ وَلا ترْغو الخلِفْ ... وتَضجَرينَ والمَطيُ مُعترِفْ

  وقال أبو النّجم يصف مرَح ناقته وأنّها كانت نشيطةً اللّيلةَ كلّها وما ذَلّتْ إلّا عند الصّبح:

  فما عرَفتْ للذُّلّ حتى تَعَطّفتْ ... بقَرْنٍ بدا من دارة الشّمسِ خارجِ

  وما أطيبَ عَرْفَه، وعَرّفَ اللهُ الجنّةَ: طيّبها. وطار القطا عُرْفاً عُرْفاً أي متتابعةً. والضّبُعُ عَرْفاء. وعن سعيد بن جُبير: ما أكلتُ لحماً أطيب من مَعْرَفَة البِرْذَوْن. وفلان يَعرف الخيل أي يجُزّ أعرافها. ومن المستعار: أعرافُ الرّيح والسّحابِ والضَّباب: لأوائلها؛ وقال:

  وطارَ أعرافُ العَجاجِ فانتَصَبْ

  واعرورفَ البحرُ: ارتفعتْ أمواجُه؛ قال الحطيئة:

  وهندٌ أتَى من دونها ذو غواربٍ ... يُقمّصُ بالبوصيّ مُعرَوْرِفٌ وَرْدُ

  وفيه نظر من قال:

  خِضَمّ ترَى الأمواجَ فيهِ كأنّها ... إذا التطمتْ أعرافُ خيلٍ جوامحِ

  وأمِيلٌ أعرفُ: مرتَفِع؛ قال العجّاج:

  فانصاعَ مَذعوراً وما تَصَدّفَا ... كالبرْقِ يجتازُ أميلاً أعرَفَا

  واعرورَف فلان للشرّ: اشرأبّ له، ومنه قوله: فإذا سمعتَ بحفيف الموكب المارّ تحرّكْتَ وانتعشت ونبتَ لك عُرْفٌ وانتفشت. وقُلّةٌ عَرْفاء: مرتفعة؛ قال زهير:

  ومَرقَبةٍ عَرْفاءَ أوفيتُ مُقصرَا ... لأسْتأنسَ الأشباحَ فيه وأنظُرَا

  من القَصْرِ وهو العشِيّ. إذا سال بك الغَرّاف لم ينفعك العَرّاف؛ قال:

  جعلتُ لعرّافِ اليمامةِ حُكمَه ... وعرّافِ نجدٍ إن هما شَفيَاني

  قال الجاحظ: هو دونَ الكاهن.

  عرق - فلان مُعْرَقٌ له في الكرم أو اللّؤم، وهو عَرِيقٌ فيه. وعَرّقَ فيه أعمامُه وأخوالُه وأعرقوا. وتداركَتْه أعراقُ صِدقٍ أو سوء؛ قال:

  جرَى طَلَقاً حتى إذا قيل قد جرَى ... تداركه أعراقُ سوء فبَلّدَا

  وفلان يعارق صاحبه: يفاخره بعِرقه. واستأصل الله تعالى عِرْقاتَهم وعِرْقاتِهم روي بالفتح والكسر. واعترقَتِ الشجرةُ واستعرقَتْ: ضَربتْ بعروقها. ويقال: لبَنٌ حديث العِرْق أي لم يتقادم فيمْسخَ طعمُه. وإذا ساقيتَ نديمَك فأعرِق له أي أقِلّ له المِزاج. وكأسٌ مُعْرَقة؛ وأنشد أبو عبيدة:

  رفعتُ برَأسه وكشَفتُ عنْهُ ... بمُعرَقةٍ مَلامَةَ من يَلومُ

  وعرّق في الإناء: جعل فيه ماء قليلاً؛ قال:

  لا تملإ الدّلوَ وعرِّقْ فيها ... أما ترَى حَبَار من يسقيها

  وجاؤوا بثريدة لها حِفافان من البَضْع وجَناحان من العُراق. وقيل لبنت الخُسِّ: ما أطيبُ العُراقِ؟ قالت: عُراقُ الغيث وذلك ما خرج من النّبات على أثر الغيث لأن الماشية تُحبّه فتسمَن عليه فيطيب عُرَاقُها. وما تركتِ السّنةُ لهم عظْماً إلّا تَعرّقته؛ وأنشد سيبويه لجرير:

  إذا بعضُ السّنين تَعرّقَتنا ... كفى الأيتَامَ فقدَ أبي اليتيم