أساس البلاغة،

محمود بن عمر الزمخشري (المتوفى: 538 هـ)

جهر

صفحة 106 - الجزء 1

  غربالك. واستَجَالَتِ الرّيحُ السّحابَ. واستَجالَت الخيلُ ما مرّتْ به. واجْتَالَتْهم الشياطين: صرفتهم عن هداهم إلى ضلالتها، وأخذتهم بأن يَجُولوا معها واختارتهم لأنفسها. وفي الحديث: «خلقَ اللهُ عِبادَه حُنَفَاء فاجتالتهم الشياطين».؛ وقال الأعشى:

  تَرَاها كأحقَبَ ذي جُدَّتَينِ ... يُجَمِّعُ جُوناً ويَجْتَالُها

  وبَرَزَتْ في مِجْوَلِها وهو ثَوْبٌ تَلْبَسُه الفتاةُ قبل التخدير تَجُولُ فيه.

  ومن المجاز: ما له جُولٌ ولا معقولٌ أي رأي وتماسك، وأصله جانب البئر. يقال: انهدم جُولُ البئر وجالُها.

  وأجَالُوا الرأيَ فيما بينهم. ويَجُولُ في صدري أن أفعل كذا، ولم يَبْقَ له مَجَالٌ في هذا الأمر. وامرأةٌ جائلةُ الوِشَاحَيْنِ: هَيْفَاء، وقد جَالَ وِشاحاها. وفي قلبه جَوَلانُ الهُموم وهو ما يَجُولُ فيه؛ قال:

  أُقَاذِفُ جَوْلانَ الهُمومِ كأنّني ... شَبُوبٌ أصَابَتْهُ حِبَالَةُ صَيّادِ

  واسْتَجَلْنَا الجَهَامَ أي رأينا الجائِلَ في الأفق هو الجَهَامُ لا غير أي لم يَنشأ غَيرُه.

  جون - شيءٌ جَوْنٌ: أسود فيه حمرة، وأشياء جونٌ؛ قال العَجّاجُ:

  وَاجْتَبنَ جَوْناً كعُصَارِ الزِّفْتِ

  يريد العرَق؛ وقال:

  في جَوْنَةٍ كقَفَدَانِ العَطّارْ

  شَبّه الجَوْنَةَ وهي الشِّقْشِقَةُ بالجُونَةِ وهي السَّفَطُ. ويقال: القطا ضربان: جُونيّ وكُدْرِيّ، والواحدة جونِيّةٌ وكُدْرِيّةٌ؛ قال زهير:

  جُونِيّةٌ كَحَصَاةِ القَسْمِ مَرْتَعُها ... بالسِّيّ ما تُنْبِتُ القَفْعاءُ والحَسَكُ

  جوي - جَوَيْتُ عن كذا، وأصابني جَوًى وهو داء في الجَوْف لا يُسْتَمْرَأُ منه الطعامُ، واجْتَوَيْتُ الطعامَ واسْتَجْوَيْتُه. واجْتَوَيْنا أرضَكُم: لم يُوافقنا غِذاؤها. وفي الحديث: «دخل العُرَنِيّون المدينةَ فاجْتَوَوْها». ونزلنا في جِوَاء بني فلان وهي فَجْوَةٌ في مَحَلّتِهم وسط البيوت، وقيل هو جمع الجَوّ وهو الهَجْلُ. وأقمتُ في جوّ اليمامة أي في وسطها.

  ومن المجاز: اجْتوى القوم إذا أبغضهم؛ قال:

  لقَد جَعَلَتْ أكبادُنا تَجْنوِيكُمُ ... كما تَجْتَوِي سُوقُ العِضَاهِ الكَرَارِنَا

  وماءٌ جَوًى: مُنْتِنٌ، ومياه جَوًى لأنّه وَصْفٌ بالمصدر؛ قال:

  ثمّ كانَ المِزَاجَ ماءُ سَمَاءٍ ... لا جَوًى آجِنٌ وَلا مَطْرُوقُ

  جهد - جَهَدَ نَفسَه، ورجل مَجْهُود، وجاء مَجْهُوداً قد لَفَظ لجامَه، وأصابَه جَهْدٌ: مشقّةٌ؛ قال رؤبة:

  أشكُو إلَيك شدّةَ المَعِيشِ ... وجَهْدَ أعْوَامٍ نَتَفْنَ رِيشِي

  نَتْفَ الحُبَارَى عن قَرَا رَهِيش

  وأقْسَمَ باللهِ جَهْدَ القَسَمِ، وحَلَفَ جَهْدَ اليمين، واجتهد في الأمر، وجاهَدَ العدوَّ. وجَهَدَ الرجلَ: ألحّ عليه في السؤال. وبلغ جُهْدَه ومَجْهُودَه أي طاقتَه، ولأبْلُغَنّ جُهَيْدَايَ في هذا الأمر، تصغير جهاد على الترخيم. وجُهَادَاكَ أن تفعل كذا أي جُهْدُك وغايتُك.

  ومن المجاز: سقاه لَبَناً مَجْهُوداً وهو الذي أُخرِجَ زُبْدُه، وقيل: هو الذي أُكْثِرَ ماؤه، يقال: لا يَجْهَدْ ماؤك لبنَك ومَرَقَتَك، ومرَقةٌ مجهودةٌ، ومَرْعىً جهيدٌ: جَهَدَه المالُ، وأرض جَهِيدَةُ الكلإ. وجَهَدَ جَهْدَه، واجْتَهَدَ رَأيَه. وأجْهَد فيه الشّيبُ: كثر وانتشر؛ قال عديّ:

  لا تُوَاتِيكَ إذ صَحَوْتَ وإذ أجْ ... هَدَ في العارِضَينِ منكَ القَتِيرُ

  وغَرْثَانُ جَاهِدٌ: شهوانُ يَجْهَدُ الطعامَ لا يترك منه شيئاً.

  جهر - جَهَرَ الشيءُ إذا ظهر وأجْهَرْتُه أنا، وأجْهَر فلانٌ ما في صدره، ورأيتُه جَهْرَةً أي عِيَاناً. وجَهَرَ بكذا: أعْلَنَه. وقد جَهَرَ بكلامه وقراءته: رفع بهما صوتَه. وجَهُرَ صوتُه جَهَارَةً، وهو جَهِيرُ الصوت، وصوتٌ جَهْوَريٌ، ورجلٌ جَهْوَرٌ وجَهْوَرِيٌ. وجَهْوَرَ الحديثَ بعدما هَيْنَمَه أي أظهره بعدما أسرّه. وخطيبٌ مِجْهَرٌ بخطبته. وجاهَرْتُهم