أساس البلاغة،

محمود بن عمر الزمخشري (المتوفى: 538 هـ)

خير

صفحة 179 - الجزء 1

  «والهيبة خيبة» ومن هاب خاب ومن جَسَرَ أسَر.

  ومن المجاز: «وقعوا في وادي تُخُيّبَ». وسعى فلان في خَيّاب بن هَيّاب. وقَدْحٌ خَيّاب: لا يُوري.

  خير - كان ذلك خِيرَةً من الله، ورسولُ الله خِيرَتُه من خَلْقه. واخترتُ الشيء وتخَيّرتُه واستخرتُه. واستخرتُ الله في ذلك فخار لي أي طلبت منه خير الأمرين فاختاره لي؛ قال أبو زبيد:

  نِعمَ الكرامُ على ما كانَ من خُلُقٍ ... رَهطُ امرئٍ خارَه للدِّينِ مختارُ

  ويقال: أنت على المُتَخَيَّرِ أي تخَيّر ما شئت، ولست على المُتَخَيَّر؛ قال الفرزدق:

  فلَوْ كانَ حَرِّيُّ بن ضَمْرَةَ فيكمُ ... لقال لكُم لستم على المُتَخَيَّرِ

  وهو من أهلِ الخَيرِ والخِيرِ وهو الكرم. وهو كريم الخِيرِ والخِيم وهو الطبيعة. وما أخْيَرَ فلاناً. وهو رجلٌ خَيْرٌ، وهو من خِيار الناس وأخيارهم وأخايرهم. وخيّره بين الأمرين فتخَيّر. وخايره في الخطّ مخايرة، وتخايروا في الخطّ وغيره إلى حَكَم. وخايرتُه فَخُرْتُه أي كنت خيراً منه؛ قال العبّاس بن مرداس:

  وجَدناهُ نَبِيّاً مثل مُوسَى ... فكلُّ فتًى يُخَايِرُهُ مَخِيرُ

  وإن فلاناً لذو مَخْيورَةٍ وشرف وهي الخير والفضل؛ وأنشد الجاحظ للنّمر:

  ولاقَيتُ الخُيورَ وأخطَأتْني ... شُرُورٌ جَمّةٌ وعلَوْتُ قِرْني

  خيس - خاسَ اللحمُ: تغيّر، ولحم خائس. وجوزة خائسة. وإبِلٌ مُخَيَّسَةٌ: مُحَبَّسة للنّحر أو للقَسْم لا تسرح؛ قال النابغة:

  والأُدْمُ قد خُيّسَتْ فُتْلاً مَرافقُها ... مَشدودَةٌ برِحالِ الحيرَةِ الجُدُدِ

  وخُيّسَ فلان في السجن، وهو المُخَيَّس. وكأنّه أُسامة في خِيسه أي في أجمته، وكأنّه جمعُ أخيَسَ من قولهم: عِيصٌ أخْيَسُ: ملتف؛ قال جندل:

  وإنّ عِيصِي عِيصُ عزٍّ أخْيَسُ ... ألَفُّ تَحْمِيهِ صَفَاةٌ عِرْمِسُ

  ومن المجاز: خاس بوعده وبعهده إذا نكث وأخلف، وخاس بما كان عليه؛ قال ابن الدُّمَيْنَةِ:

  فيا رَبّ إن خاسَتْ بما كان بَيْنَنا ... من الوُدّ فابعثْ لي بما فعلَتْ صَبرَا

  خيط - خاط الثوب وخيّطه، وسلك الخَيْط في الخياط والمِخْيَط.

  ومن المجاز: أخذ الليل في طيّ الرَّيْط وتبيّن الخيط من الخيط؛ وهو أدقّ من خيطٍ باطلٍ وهو الهباء المنبثّ في الشمس، وقيل لُعاب الشمس، وقِيل الخيط الخارج من فَم العنكبوت الذي يُقال له مُخاط الشيطان؛ وقال شيخ من دَوْس لعبد الله ابن الزّبير:

  أتَطمعُ أن تحوِي الخلافةَ ساء ما ... غُررْتَ لقد أصبَحتَ في خَيطِ باطِلِ

  وجاحش فلانٌ عن خَيط رقبته وهو النّخاع. ورأيتُ خَيطاً من النَّعام وخِيطاً بالكسر وهو جمع خَيْطاء. وخَيْطُ النّعامة: طول قصبها وعُنُقِها، كأنّها خيوطٌ ممدودة، وقيل هو ما فيها من بياض في سواد. وخَيّط الشيبُ في رأسه ولحيتِه: جعل فيهما شِبْهَ الخُيوط، وخُيّطَ شَعَرُه بالبياض؛ قال بدر بن عامر الهذليّ:

  أقسَمتُ لا أنسَى مَنيحَةَ واحِدٍ ... حتى تُخَيَّطَ بالبَياضِ قُرُوني

  وخَيّط رأسُه، كقولك: نوّرَ الشجَرُ وَوَرّدَ. وخاط فلان خَيْطَةً: امتَدّ في السير لا يلوي على شيء. وخاط إلى مقصدِه. وهذا مَخيطُ الحَيّةِ: لمزْحَفِها. وقد خاطَتِ الحيّة؛ قال ذو الرّمّة:

  وبينَهُما مَلْقَى زِمامٍ كأنّهُ ... مَخِيطُ شُجاعٍ آخرَ اللّيلِ ثَائِرِ

  وخاط فلان بعيراً ببعير إذا قرن بينهما. تقول: خِطْ هذا بذاك؛ قال الرّكّاضُ الدُّبَيْرِيّ: