أساس البلاغة،

محمود بن عمر الزمخشري (المتوفى: 538 هـ)

زرد

صفحة 269 - الجزء 1

  وزَريبتها وزُرُوبها وزَرائِبها؛ قال الحماسيّ:

  تَرَى رائِداتِ الخَيلِ حَوْلَ بُيوتِنا ... كمِعْزَى الحِجازِ أعوَزَتها الزّرَائبُ

  وزَرَبْتُ البَهْمَ في الزَّرْب والزِّرْب: أدخلته فيه فانزرب.

  ومن المجاز: الصائد في زَرْبه وزرِيبته وهي قُتْرته شبّهت بزرب البهم، وانزرب فيها؛ قال رؤبة:

  فباتَ والنّفسُ من الحِرْص الفَشِقْ ... في الزَّرْبِ لوْ يمضَغُ شَرْياً ما بَصَقْ

  المنتشر؛ وقال ذو الرّمّة:

  وبالشّمائِلِ مِن جَلّانَ مُقْتَنِصٌ ... رَثُّ الثّيابِ خَفيُّ الشّخصِ مُنزَرِبُ

  ويقال: حِبال الإخاء بينهم مَبْتوته وزرابيّ البغضاء دونهم مبثوثه؛ قال الحماسيّ:

  ونحنُ بَنُو عَمّ على ذاكَ بَيْنَنا ... زرابيّ فيها بِغْضَة وتَنافُسُ

  زرد - زَرَد اللّقمة وازدردها وتزرّدها. وهذا دواء صعب المُزْدَرَد. وتقول: قد تبيّن فيه الدَّرَد فأطعِمه ما يُزْدَرَد؛ وزرّدتُه اللّقمة؛ قال مُزرِّد:

  فقلتُ تزَرّدْها عُبيد فإنّني ... لِدُردِ الموالي في السّنينَ مُزَرِّدُ

  وزرَد حلْقه: عصره. وهو زرّاد: خنّاق، ومنه قيل للهَنِ الضيّق: الزَّرَدَان كأنّه يخْنُق. وزَرَد الدّرْعَ: سردها لأنّها حَلَق فيه ضيق. وهو زرّاد جيّد الزِّرادة. ولبسوا الزَّرْدَ والزَّرَدَ تسمية بالمصدر وفَعَلٌ بمعنى مفعول.

  ومن المجاز: أخذ بمُزْدرده إذا ضيّق عليه كما يقال: أخذ بمُخَنَّقه. وزرّد فلان عينه على صاحبه إذا غضب عليه وتَجَهّمه ومعناه ضيّقها عليه لا يفتَحُها حتى يملأها منه. وظنّ فلان أنّي زُرْدة له أي أُكْلَة. وتقول للحالف: تزرّدْها حَصّاء وتزَبّدْها حذّاء.

  زرر - حلّ زِرّه وأزراره، وهو ألزم لي من زِرّي لعُروته. وزَرّ قميصه: شدّ زِرّه، وزَرّر قُمصه: شَدّ أزرارها، وأزَرّ قميصه وزرّره: جعله ذا أزرار. وزَرّ سِنانُ الرّمح يَزِرّ زريراً إذا وَبص؛ قال أبو دؤاد:

  أوْجَرْتُ عَمراً فاعْلَمُوا ... خُرْصاً يَزِرّ لهُ وبيص

  وإنّ عينيه لتزِرّانِ في رأسه: تتوقّدان.

  ومن المجاز: زَرّ الشيءَ: جمعه جمعاً شديداً. وخرج يَزُرّ الكتائب بالسّيف: يَشُلّها. وزَرّه: عضّه، وزارّه: عاضّه. وحِمارٌ مِزَرٌّ. وضربه فأصاب زِرّه وهو عُظيم كأنّه نصف جوزة تدور فيه الوابِلَة وهي رأس العَضُد. ويقال لضارب البيت: اجعل رأس العمود في الزّرّ وهو الخُشَيْبَة التي في أعلاه. وأعطاني الشيء بزرّه كما يقال: برُمّته. وأتاني القوم بزِرّهم. وإنّه لزِرّ من أزرار الإبل: لازم لها حسَنُ الرِّعية. وفي كلام هِجْرِس بن كُلَيب: أما وسيفي وزِرَّيه وفرسي وأذُنيه لا يدع الرجل قاتل أبيه وهو ينظر إليه؛ ثمّ قتل جسّاساً، وهما حَدّاه.

  زرع - العبد يحرث والله يزرَع: يُنْبت ويُنَمّي {أَفَرَأَيْتُمْ ما تَحْرُثُونَ أَأَنْتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ}.

  ومن المجاز: زرع الله ولدَك للخير، وأستزرِع اللهَ ولدي للبِرّ واسترزقه له من الحِلّ. وزرع الحُبَّ لك في القلوب كرمُك وحسنُ خُلُقك. وبئس الزرع زَرْع المذنب. وزرع الزّارع الأرض، من إسناد الفعل إلى السّبب مجازاً. وازْدَرَع لنفسه، وهذه مزرُعة فلان ومزرَعته ومزرِعته ومَزَارِعه ومُزْدَرَعُه وزَرّاعَته وزَرّاعاته. وزَارَعه على الثّلُث ونحوِه مُزَارَعة. وأعطني زُرْعة أزرع بها أرضي: بَذْراً، ومنها قيل لفَرْخ القَبَجَة: الزُّرْعة. وفي أرضه زِرّيع كثير وهو ما ينبُت ممّا تناثَر من الحَبّ وقت الحصاد، ويقال له: الكَاثُّ. وكأنّهم أولاد زارع وهي الكِلاب؛ وأنشد الجاحظ لابن فَسْوَة:

  ولَوْ لا دَوَاءُ ابنِ المُحِلّ وعِلمُه ... هَرَرْتُ إذا ما النّاسُ هرّ كَليبُها

  وأخرَجَ بَعدَ اللهِ أوْلادَ زارِعٍ ... مُوَلَّعَةً أكْتَافُها وجُنُوبُها