أساس البلاغة،

محمود بن عمر الزمخشري (المتوفى: 538 هـ)

سقي

صفحة 302 - الجزء 1

  سقي - سقاكم الله تعالى الغيثَ والدَّرّ وأسقاكم {نُسْقِيكُمْ مِمَّا فِي بُطُونِهِ}. وقيل: سقاه لشَفَته، وأسقاه لدابته. وسقّيته: قلت له سقَاك الله تعالى. وله سِقْي من النّهر، وشِرْبٌ من السِّقاية، وله سِقاية، ومِسْقاة: يَشْرب بها وهي المِشْربة. وسَقَى أرضَه، واسْقِ أرضَك فقد حان مَسْقاها: وقت سقيها. وساقاه في أرضه، وكَرِه أبو حنيفةَ المُسَاقاة. وملأ السِّقاء والأسقية. وسَاقٌ كالسَّقِيّة وهي البَرْدِيّة، وسُوقٌ كالسَّقيّ.

  ومن المجاز: سَقَى ثوبَه مَنّاً من العُصْفُر، وسقّاه تسقية: كرّر غمسه في الصِّبغ، وسُقّيَ قلبُه بالعداوة. وسَقّى المِسَنَّ الماءَ: أكثر سَقْيَه. وتسقّى الماءَ والصِّبْغَ: تشرّبَه. وتساقَوْا كأسَ الموت، وساقَيتُه إيّاها، وإنّه لمَسْقيّ الدّم حُمْرَةً كقولك: مشرَّب الدّم حمرة. وساقيتُ الحربَ مالي: أنفقته فيها؛ قال وقد ورد سابقاً:

  إنّا إذا الحَرْبُ نُساقيها المَالْ ... وجَعَلَتْ تَلْقَحُ ثمّ تَحتالْ

  يُرْهِبُ عَنّا النّاسَ طَعْنُ إيغالْ ... شَزْرٌ كأفْوَاهِ المَزَادِ الشَّلْشَالْ

  وسَقَى العِرْقُ: سال، وبه عِرْقٌ يَسْقي لا يُرْقِئُه من يَرْقي. وسَقَى بطنُه واستَسقى، وبه سِقْيٌ وهو أن يقع الماء الأصفر في بطنه، وأسقاه الله تعالى، وتقول: أسقاك الله تعالى ولا أسقاك. وتقول: من لقي جالِينُوسَ استجهل الرّواقي ومن وردَ البحر استَقَلّ السّواقي.

  سكب - ماء ودمع ساكب ومسكوب ومنسَكِب وقد سكبته سَكْباً، وسَكَب هو بنفسه سُكوباً. ويقول أهل المدينة: اسكُبْ على يدي. واسْتَكَبَ الماءَ إذا سُكِبَ له. وماء ودم أُسكُوب؛ قالت جَنُوبُ أخت عَمْرٍو ذي الكَلْب:

  الطّاعِنُ الطّعنَةَ النّجْلاءَ يَتبَعُها ... مُثْعَنْجِرٌ من دَمِ الأجوَافِ أُسكوبُ

  وأرسل الماءَ في المِسْكَبة وهي الدَّبْرة العُليا التي منها تُسقى الدِّبار.

  ومن المجاز: ماءٌ سَكْبٌ، وفرس سَكْبٌ وأُسكوبٌ: ذريع؛ قال سلامة:

  من كلّ سَكْبٍ إذا ما ابتَلّ مُلْبَدُه ... صَافي الأديمِ أسيلِ الخَدّ يَعْبُوبِ

  وقال عُتبةُ بن مُكرمٍ يصف فرساً:

  كَبْداءَ مُشْرِفَةِ القُطرَينِ لَيّنَةٍ ... سَبّاقَةٍ مَرَطَى الغارَاتِ أُسْكُوبِ

  وهذا أمرٌ سَكْبٌ، وسُنّة سكْبٌ: حتم؛ قال لَقيط بن زُرارة لأخيه مَعْبَدٍ وقد طلَب إليه حين أُسِرَ أن يَفْديَه بمائتين من الإبل: ما أنا بمُنْطٍ عنك شيئاً يكون على أهل بيتك سُنّة سَكْبَا ويَدْرَبُ له النّاسُ بنا دَرْبَا.

  سكت - رجل سَكُوت وساكوت وسِكّيت، وبه سُكات إذا كان طويلَ السّكوت من علّة. وتكلّم فلان ثمّ سكت فإذا أُفْحِمَ قيل: أُسْكِتَ. وللحُبْلى صرْخة ثمّ سكْتة. وأسكَتَ النّاطقَ وسكّتَه. وأسكَت الصّبيَ بسُكْتة وهي ما يُسْكَت به. ورمى خَصْمه بسُكاتة: بما أسكته عنه. وهذه هاء السَّكتِ.

  ومن المجاز: ضربته حتى أسكتُ حركته. وسكَت عنه الغضب والحزن وكلّ ما له أثر ناطق. وحيّةٌ سُكَاتٌ: لا يشعُر به الملسوع حتى يَلْسعه؛ قال:

  وما تَزْدَري من حَيّةٍ جَبَلِيّةٍ ... سُكاتٍ إذا ما عَضّ ليسَ بأدْرَدَا

  وفلان سُكَيْت الحلْبة: للمتخلّف في صناعته.

  سكر - سَكِرَ من الشّرابِ سُكْراً وسَكَراً وبه سَكْرة شديدة، وأسكره الشراب، وتساكَرَ؛ أنشد سيبويه:

  أسَكرانَ كانَ ابنُ المَرَاغَةِ إذْ هَجا ... تَميماً بجَوْفِ الشّأمِ أمْ مُتساكرُ

  ورجلٌ سكرانُ وسَكِرٌ وسِكّير، وقوم سَكرَى وسُكارَى وسَكارَى وامرأةٌ سَكْرى، وشَرِبَ السَّكَرَ وهو النّبيذ. وقيل: شرابٌ يُتّخذ من التّمر والكُسْبِ والآس وهو أمَرّ شراب في الدّنيا. وفلان يشرب السَّكَر والسُّكْرُكَةَ وهي نَبيذ الحَبَش. وبَثَقوا الماء وسَكَروه: فجَّروه وسدّوه، والبِثْق والسِّكْر: ما يُبْثَق ويُسْكَر.