أساس البلاغة،

محمود بن عمر الزمخشري (المتوفى: 538 هـ)

منح

صفحة 605 - الجزء 1

  ما اختلف المَلَوَانِ». وأقام عندنا مَلِيّاً ومُلاوَةً من الدّهر. وأمْلَيْتُ له: أمهلتُه طويلاً. ومَلّاكَ اللهُ حبيبَك: طوّل لك الإمتاعَ به، ومُلّيتَ حبيباً، وتَمَلَّيتَ حبيباً، وتَمَلَّيتَ العيشَ، وتَمَلَّيتَ شبابَك. وأمليتُ القيدَ للبعير: أرخيته وأوسعته؛ قال:

  هنالكَ لا أُملي لها القيدَ بالضُّحى ... ولستُ إذا رَاحتْ عليّ بعاقِلِ

  لأنّ لها أُلّافاً في وطنها فهي مستأنسة فلا تحتاج إلى قيد ولا عَقْل.

  منح - فلان مَنّاح مَيّاح نَفّاح؛ ومنحه مالاً: وهبه، ومنَحَه: أقرضه، ومنحَه: أعاره. وفي الحديث: «من منَح مِنحَةَ ورِق أو منح لبناً كان كعِدل رقبة».

  وفلان يعطي المنائح والمِنَحَ، وأعطاني فلان مَنيحةً ومِنحة وكُوفاً وهي النّاقة أو الشاة يمنحك درّها، وما نحني ممانحة وهي المرافدة بعطاء.

  ومن المجاز: مُنحت الأرضُ وامتُنحت القِطارَ؛ قال ذو الرّمّة:

  نبَتْ عيناك عن طَلَلٍ بحُزْوى ... مَحتهُ الرّيح وامتُنحَ القِطارَا

  وناقة مُمانح ومَنوح، ونوق مَمانحُ: تمنح لبنها بعد أن تذهب ألبان الإبل؛ قال الجعديّ:

  ومانحني كمِناحِ العَلوق ... وما نزّ من غرّة تُضرب

  هو تهكّم يعني يدرّ عليّ كما تدرّ التي ترأم ولدها ولا تدرّ عليه، ثمّ قيل: مانحتْ عينُه، وعين مُمانح: لا ينقطع دمعها، وريح مُمانح: لا يُقلع غيثها؛ قال ذو الرّمّة:

  بلى فاستَعارَ القلب يأساً ومانحتْ ... على إثرِها عينٌ طويلٌ همولُها

  وقال أيضاً:

  إذا ما استَدرّتهُ الصَّبا وتذاءبَتْ ... يمانِيّةٌ تَمري الرّياحَ مُمانحُ

  وفي حديث جابر: «كنتُ مَنيحَ أصحابي يوم بدر». أي لم يُضرب لي سهم لصغري. والمَنيحُ على معنيين يكون القِدح الذي لا نصيب له كالسّفيح والوغد؛ قال الكميت:

  فمَهلاً يا قُضاع فَلا تَكُوني ... مَنيحاً في قِداحِ يديْ مُجيل

  ويكون الذي يتعاورونَه لشهرته بالفوز؛ قال ابن مقبل:

  إذا امتَنحتْهُ من مَعدّ عصابَةٌ ... غدا ربُّهُ قبل المُفيضِينَ يقدَحُ

  أي يقدح النّار للطبخ أو الشيِّ لثقته بفوزه، وامتناحه استعارته.

  منع - منَعه الشيءَ ومنعَه منه وعنه وهو مَنوع ومَنّاع، وامتنع منه، ومانعه، وتمانعا.

  ومن المجاز: فلان يمنع الجار: يحميه من أن يُضام. وله في قومه حِصنٌ ومَمْنَعٌ، وقد مَنُعَ فلان: صار ممنوعاً محميّاً مَناعةً ومَنَعَةً، وتمنّع به تمنُّعاً، وامتنع به امتناعاً، وهو منيع، وحصن منيع ومُمَنَّع؛ قال النابغة:

  وحلّتْ بيوتي في يَفاعٍ مُمَنَّعٍ ... تخالُ بهِ راعي الحمولةِ طائرَا

  وإنّه لذو مَنَعَة مصدرٌ كالأنفة والعظمة والعبدة أو جمع مانع وهم عشيرتُه وحُماتُه، ويقال لهم: مَنَعاتُ مَعاقل ومحارز؛ قال السّهميُّ:

  ولم تَلتَقِ العصماء في مَنَعاتها ... وخُلّل عن بَيض النَّعام المساربُ

  يصف سنة وأن الأرُويَّة لم تلزم معاقلَها ولم تقرّ بها ورُعيت المراعي حول البَيض فظهر.

  منن - منّ الله تعالى على عباده، وهو المَنّان، وله عليّ مِنّةٌ ومِنَنٌ، ومَنّ عليّ بما صنع، وامتنّ، وإنّه لمَنونَةٌ، وامتننتُ منك بما فعلتَ مِنّةً جسيمةً أي احتملتُ مِنّة. وهو ضعيف المُنّةِ، وليس لقلبه مُنّةٌ أي قوّة، وهم ضِعاف المُنَنِ، ومَنَّهُ السّفَرُ: أضعفَه وذهب بمُنّته؛ قال ابن ميّادة: