أساس البلاغة،

محمود بن عمر الزمخشري (المتوفى: 538 هـ)

أجن

صفحة 12 - الجزء 1

  لا تَقْذِفَنِّي بِرُكْنٍ لا كِفَاءَ لَهُ ... وإنْ تَأثّفَكَ الأعْداءُ بِالرِّفَدِ

  وتأثّفْنا بالمكان: ألِفْنَاه فلم نَبْرَحْه. وتأثّف القومُ على الأمر: تألّبُوا عليه، وهم عليه أُثْفِيّةٌ واحدة. وفلان مَرْجُومٌ بأثافي الشرّ. ورماهُ بثالِثَةِ الأثَافي. وبَقِيَتْ منهم أُثْفِيّةٌ خَشْنَاءُ أي جماعةٌ كَثِيفة. ورجل مُثَفًّى: ماتت له ثلاثُ أزواج، وامرأة مُثَفّاة. وأنشد اليَزيدي:

  نكَحتُ مُثَفّاةً شهِيراً جمالُها ... وأعلَمُ أنّ المَوْتَ لا بُدّ واقِعُ

  وكنتُ مُثَفًّى ليتَ شِعرِي مَن الذي ... هو اليومَ مَفْجوعٌ ومَن هوَ فاجعُ

  ويقال: لا تُثَفِّ قِدْرَك لهذا الأمر أي لا تَنْتَدِبْ له، ولا تُثَفّى لهذا الأمرِ قِدْري أي لا أُنْدَبُ لمثله. وثَفّيْتُ قِدْرَه لكذا إذا جعلتَه عُدّة له؛ وأنشد أبو زيد:

  أأعْقِلُ قَتْلي العِيصَ عِيصَ شُوَاحِطٍ ... وذلكَ أمْرٌ لا تُثَفّى له قِدْرِي

  أثل - الأثَلَةُ السَّمُرَةُ، وقيل شجرة من العِضَاهِ طويلةٌ مستقيمةُ الخشبَةِ تُعْمَلُ منها القِصَاعُ والأقداحُ، فوقعَتْ مجازاً في قولهم نَحَتَ أثْلَتَهُ إذا تَنَقّصَهُ. وفلان لا تُنْحَتُ أثْلَتُه؛ قال الأعشى:

  ألَستَ منتَهِياً عن نَحْتِ أثْلَتِنَا ... ولَستَ ضائرَها ما أطّتِ الإبلُ

  ولفلان أثْلَةُ مال أي أصْلُ مال. ثمّ قالوا: أثّلْتُ مالاً وتأثّلْتُهُ، وشَرَفٌ مُؤثَّلٌ وأثِيلٌ. وقد أثُلَ أثَالَةً حتى سمّي المجدُ بالأَثال، بالفتح. تقول: له أَثَالٌ كأنّه أُثَال، أي مَجْدٌ كأنّه الجبل.

  أثم - تقول: فلان من الحياء يتلثّم ومن اللَّمَمِ يتأثّم أي يَتَحَرّجُ. وتقول: كانوا يَفْزَعون من الأنَام أشدَّ ما يفزعون من الأَثَام، وهو وبَالُ الإثم؛ قال:

  لقَد فَعلتْ هَذي النَّوَى بيَ فَعْلَةً ... أصابَ النَّوَى قَبلَ المَماتِ أَثَامُهَا

  أجج - أجّج النّارَ فتأجّجتْ وأجّتْ، وللنار أجِيجٌ، واشتدّتْ أَجّةُ المَصِيف. وتقول: هَجِيرٌ أُجَاج للشّمس فيه مُجَاج، وهو لُعاب الشمس. وماءٌ أُجاجٌ يَحْرِق بمُلُوحته.

  ومن المجاز: مرّ يؤُجّ في سَيرِه إذا كان له حَفيفٌ كحفيف اللهَب، وقد أجّ أَجّةَ الظّليمِ. وسمعتُ أَجّةَ القوم: حَفيفَ مَشْيِهم واضطرابهِم.

  أجد - الحمد لله الذي أجَدَني بعد ضَعْفٍ وأوجَدَني بعد فَقْرٍ أي قَوّاني. من قولهم: ناقَةٌ أُجُدٌ ومُؤْجَدَةُ القَرَا، وبِنَاءٌ وعَقْدٌ مُؤْجَدٌ. وإنّه لمُؤْجَدُ الأنيابِ والأظافر، وثوبٌ مُؤْجَدُ النّسْج.

  أجر - أجَرَكَ اللهُ على ما فَعَلتَ، وأنتَ مأجورٌ عليه. ومنه قوله تعالى: {عَلى أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمانِيَ حِجَجٍ} أي تجعلها أجْري على التّزويج، يريد المَهْرَ، من قوله تعالى: {وَآتُوهُنَ أُجُورَهُنَ} كأنّه قال: على أن تَمْهُرَني عملَ هذه المُدّة. وأُجِرَ فلان ولده إذا ماتوا فكانوا لهُ أجْراً. وآجرَني فلان دارَه فاستأجرتُها، وهو مُؤْجِرٌ ولا تقل مُؤَاجِر فإنّه خطأ وقبيحٌ، وليس آجَرَ هذا فَاعَلَ ولكن أفْعَلَ، وإنّما الذي هو فَاعَلَ قولك: آجَرَ الأجِيرَ مُؤاجَرَةً، كقولك شاهَرَه وعاوَمَه، وكما يقال: عامَلَه وعاقَدَه. وتقول: طَلَب الأُجرَه فأعطاه الآجُرّه.

  أجل - ضربتُ له أجَلاً، وتقول: ابن آدم قصير الأجل طويل الأمَل؛ يؤثِر العاجِل ويَذَرُ الآجِل. وتقول: أجَلْنَ عُيُونَ الآجال فأصَبنَ النّفوسَ بالآجال. وتأجّلَتِ الصُّوَارُ: اجتمعتْ.

  أجم - الموت لا تَنْجو منه الأُسْدُ في الآجَام والمُلُوكُ في الآطام. ودَاوَمَ على طعام واحد حتى أَجِمَه أي كَرِهه.

  أجن - تقول: يُفْسِدُ الرجلَ المُجُون كما يُفْسِدُ الماءَ الأُجون⁣(⁣١).

  أحن - تقول: إنَ الإحَن تَجُرّ المِحَن، وبينهما مُضَاغَنَةٌ عظيمه ومُؤاحَنَةٌ قديمه.

  أخذ - ما أنت إلّا أخّاذٌ نَبّاذ: لمن يأخذ الشيء حريصاً عليه


(١) الأجون: تغير الماء طعماً ولوناً.