أساس البلاغة،

محمود بن عمر الزمخشري (المتوفى: 538 هـ)

عود

صفحة 438 - الجزء 1

  حَرْفٍ بَعيدٍ منَ الحادي إذا ملأتْ ... شمسُ النّهارِ عِنانَ الأبرق الصَّخِبِ

  هو الجُندَب. وهما يجريان في عِنان واحد إذا كانا مستويين، وجرى عِناناً أو عِنانين أي شَوْطاً أو شوطين، ورفع من فرسه عِناناً واحداً أي شوطاً؛ قال الطرمّاح:

  سيَعلَم كلّهم أنّي مُسِنٌ ... إذا رَفَعوا عِناناً من عِنَان

  أي سيعلم الشّعراء أنّي قارحٌ في الشّعر. وفلان طويل العِنان إذا لم يُرَدَّ عمّا يريد لشَرَفه؛ قال الحطيئة:

  مجدٌ تَليدٌ وعِنانٌ طَويلُ

  وامرأة مُعَنَّنَة: مجدولة جَدْل العِنان؛ قال حُميْد بن ثَوْرٍ:

  وفيهنّ بيضاء دَارِيَّة ... دَهَاس مُعَنَّنة المُرْتَدى

  وقال جرير:

  قل للمسَاور والمعَرِّض نفسَه ... مَن شاء قاسَ عِنانَه بعِناني

  عني - عُنيَ بكذا واعتُنيَ به، وهو مَعْنيٌ به، ومنه قول سيبويه: وهم ببيانه أعْنى. وعَنَيْتُ بكلامي كذا أي أردتُه وقصدتُه، ومنه: المعنيُ. وعنَّاه فتعَنَّى. وهو يعاني الشّدائدَ. وهو عانٍ من العُناة. والنّساء عَوَانٍ {وَعَنَتِ الْوُجُوهُ لِلْحَيِّ الْقَيُّومِ}. وفُتِحتْ مَكّةُ عَنْوَةً أي قَهْراً.

  عوج - خُطَّة عَوْجاء ورأيٌ أعوجُ: غير مستقيمين. ويقال: في العُود عَوَجٌ وفي الرّأي عِوَجٌ. وفلانٌ أعوجُ: بيّن العَوَج أي سيء الخُلُق. واستعِذ بالله من كلّ أهوجَ أعوجَ. والخيل العُوج: التي في أرجلها تجنيب. وتقلّد العوجاءَ أي القوْسَ. والنّاقة العَوْجاء: العَجْفاء والتي أنضاها السّفرُ. وفلان لا يُرَدّ عن بابٍ ولا يُعَوَّج عنه أي لا يُصرَف؛ قال:

  فما تُسالَم خَيْلاهُ إذا التَقَتَا ... ولا يُعَوَّجُ عن بابٍ إذا وَقفا

  وعاجَ رأسَ راحلته بالزِّمام: عَطَفه. وعُجْ لسانَك عنّي ولا تُكثر؛ وقال ذو الرّمّة:

  أعاذلَ عوجي من لسانِك في عَذْلي ... فما كلّ من يهوى رشادي على شكلي

  عود - له الكرم العِدُّ والسّؤدد العَوْد؛ قال الطرمّاح:

  هل المجدُ إلّا السّؤدد العَوْد والنّدَى ... ورَأبُ الثَّأَى والصّبر عند المواطن

  ومجد عاديّ، وبئر عاديَّة: قديمان. وفلان مُعَاوِدٌ: مواظب. ويقال للماهر في عمله: مُعَاوِد؛ قال عمر بن أبي ربيعةَ:

  فبَعثنا مُجرَّباً ساكن الرّي ... ح خَفيفاً معاوِداً بَيْطارَا

  ويقول ملَكُ الموت # لأهل البيت إذا قَبض أحدهم: إن لي فيكم عَوْدَةً ثمّ عَوْدَةً حتى لا يبقى منكم أحد. وعاد عليهم الدّهر: أتى عليهم. وعادتِ الرّياحُ والأمطارُ على الدّيار حتى دَرَستْ؛ قال ابنُ مُقْبلٍ:

  وكائنْ تَرَى من مَنْهلٍ بادَ أهلُه ... وعِيدَ على معروفِه فتنكَّرَا

  وتقول: عادَ علينا فلانٌ بمعروفه. وهذا الأمر أعْوَد عليك أي أرفق بك من غيره. وما أكثر عائدةَ فلانٍ على قومه، وإنّه لكثير العوائد عليهم. ولآل فلانٍ مَعَادَة أي مَنَاحة ومُعَزّى. يقولون: خرجوا إلى المعاوِد: لأنّهم يعودون إليها تارةً بعد أخرى. واللهمّ ارزقنا إلى البيت مَعَاداً وعَوْدة. ورأيتُ فلاناً ما يُبدئ وما يُعيد، وما يتكلّم ببادئة ولا عائدة؛ قال:

  أقْفَرَ من أهلِهِ عَبِيدُ ... فاليوْم لا يُبدي ولا يُعيدُ

  أي لا يتكلّم بشيء. وفي الحديث: «تعوّدوا الخير فإنّ الخير عادة والشرّ لجَاجة». أي دُرْبة وهو أن يُعَوّده نفسَه حتى يصير سجيّةً له، وأمّا الشّرّ فالنّفسُ تَلجّ في ارتكابه لا تكادُ تُخَلّيه. ويقال: هل عندكم عُوَادَة؟ فيقدّمون إليه طعاماً يُخَصّ به بعد فراغ القوم. ويقال: «ركب واللهِ عُودٌ عُوداً» إذا هاجتِ الفتنةُ. وركب السّهمُ القوس للرّمي؛ قال:

  ولَسْتُ بِزُمَّيْلَةٍ نَأنَإٍ ... ضَعيفٍ إذا ركبَ العُودُ عُودَا