أساس البلاغة،

محمود بن عمر الزمخشري (المتوفى: 538 هـ)

حلج

صفحة 138 - الجزء 1

  الركبتين، لأنّها هيئة الحالب. وتحلّبَ الماءُ: سال؛ قال:

  ثرَى الماء من أعْطافِهِ يتحلّبُ⁣(⁣١)

  وتحَلّبَتْ أشداقُه، وتحلّبَ فوه. والسلطان يقسِمُ الحَلَبَ على الرعيّة أي الجِبَايَةَ، ويأخذ الأحلابَ. وهذا فيءُ المسلمين وحَلَبُ أسيافهم. وذاقوا حَلَبَ أمرهم أي وَبَالَه. ودَرّ حَالِبَاه إذا انتشر ذكرُه وهما عرقان يسقيانه. ومدّت الضَّرعَ حوالبُه، والعينَ الناظرَةَ والفوّارَةَ حوالبُهما، وموَادّ كلّ شيء حوالبُه؛ قال الكميت:

  تَدَفّقَ جُوداً إذا ما البِحَا ... رُ غاضَتْ حَوَالبُها الحُفَّلُ

  واستَحْلَبَتِ الريحُ السّحابَ؛ وقال ذو الرُّمّة:

  أمَا استَحْلَبَتْ عَينَيكِ إلّا مَحَلّةٌ ... بجُمهورِ حُزْوَى أوْ بجَرْعاءِ مالكِ

  حلج - حَلَجَ القطنَ على المِحْلَجَةِ بالمِحْلاجِ.

  ومن المجاز: حَلَجَ الخُبْزَةَ بالمِحْلاجِ: دوّرَها بالمِرْقاق. وبات القوم يَحْلُجُون ليلتهم أي يَسيرونَها. وبينَنا وبينهم حَلْجَةٌ صالحةٌ. وحَلَجَ الغيمُ: مَطَرَ. وحَلَجَه بالعصا: ضربه. وحَلَجَ التلبينَةَ أو الهَريسَةَ: سوّطها. وما تحَلّجَ في صدري منه شيءٌ وما تخلّج أي ما شككتُ فيه. وكأنّما ينفخُ في الحِمْلاجِ وهو المِنْفاخ، كأنّه يَحْلِج النّارَ.

  وتقول: لا يستوي صاحب الحِمْلاج وصاحب المِحْلاج، ويستعار لقرن الثور؛ قال الأعشى:

  ينفُضُ المَرْدَ والكَبَاثَ بحِمْلا ... جٍ لَطيفٍ في جانِبَيهِ انْفِراقُ

  وحَمْلَجَ الحبلَ: فتله.

  حلس - رأيتُه قاعداً على حِلْسٍ وهو مِسْحٌ يُبْسَطُ في البيت، وتُجَلَّلُ به الدابة.

  ومن المجاز: كن حِلْسَ بيتك أي الزمه. ونحن أحْلاسُ الخيل، ولستَ من أحْلاسِها وهم الآلفون لركوبها. ورفضتُ كذا ونَفَضتُ أحلاسَه إذا تركتَه. وحَلِسَ بكذا: لَزِمَه فهو حَلِسٌ به. وقد حَلِسَ في هذا الأمر. وفلان يُجَالِسُ بني فلان ويُحَالِسُهُم أي يلازمهم. واستَحْلَسْنا الخوفَ: لزمناه. واستحلَسَ النّبتُ: غطّى الأرضَ بكثرته وطوله، وفي أرض بني فلان عُشْبٌ مستحلِسٌ. واستحلَسَ الليلُ بالظلام: تراكم. واستحلَسَ السّنامُ: ركبتْه روادفُ الشحم ورواكبُه. وأحْلَسَتِ السّماءُ: مَطَرَتْ مطراً رقيقاً دائماً. وأحْلَسْتَ فلاناً يميناً: أمررتها عليه.

  حلط - تقول: أوّل العِيِ الاحْتِلاط وأوسط الرأي الاحتياط.

  حلف - حَلَفَ بالله على كذا حَلْفاً، وهو حَلّافٌ وحَلّافَةٌ. وحَلَفَ حِلْفَةَ فاجر وأُحْلُوفَةً كاذبة. وحَالَفَه على كذا، وتحالَفُوا عليه واحتَلَفوا. وحَلّفَ خصمَه وأحْلَفَه واستَحلَفَه القاضي. ووقع الحَريقُ في الحَلْفاء. وكأنّه أخو الحَلْفَاء أي الأسد.

  ومن المجاز: بينهم حِلْفٌ أي عهد. وهم حُلَفَاءُ بني فلان وأحْلافُهم. وهذا حَليفي، وهو حَليفُ النّدى، وحليفُ السّهَر؛ وقال جرير:

  مُحالِفُهمْ جُوعٌ قَديمٌ وذِلّةٌ ... وبئسَ الحَليفانِ المَذَلّةُ والفَقْرُ

  وفلان مُحالِفٌ لفلان: لازمٌ له. وسِنَانٌ حَليفٌ. ورجل حَليفُ اللّسان: يوافق صاحبَه على ما يريد لحِدّتِه، كأنّه حليفُه؛ قال ساعِدَةُ بنُ العَجْلانِ الهُذَليّ:

  وَلَحَفْتُهُ مِنها حَليفاً نَصْلُهُ ... خَذم كحَدّ الرّمحِ ليس بمنْزَعِ

  وسمعَ الأصمعيُّ بعضَ العرب: إنّ فلاناً لحسنُ الوجه، حَليف اللسان، طويل الإمّةِ. وهذا شيءٌ مُحْلِفٌ ومُحْنِثٌ: للذي يُختَلَفُ فيه فيُحْتَلَف عليه. يقال: ناقة مُحْلِفَةُ السّنام: مشكُوكٌ في سِمَنِه. وحَضَارِ والوَزْنُ مُحْلِفان، وهما كوكَبان يَطْلُعان قبل سُهَيْلٍ، فيُظَنّ بكلِّ واحد منهما أنّه سُهَيْلٌ، فيقع التحالف. وكُمَيْتٌ مُحْلِفَةٌ: بينَ الأحْوَى والأحَمّ، وكُمَيْتٌ غيرُ مُحْلِفَةٍ: للصافية الكُمْتَةِ؛ قال خالد بن الصَّقْعَبِ:

  كُمَيْتٌ غَيرُ مُحْلِفةٍ ولكِنْ ... كلَوْنِ الصِّرْفِ عُلَّ به الأديمُ


(١) الرواية أعطافها. وصدر البيت: يذدن ذياد الخامسات وقد بدا.