أساس البلاغة،

محمود بن عمر الزمخشري (المتوفى: 538 هـ)

دله

صفحة 194 - الجزء 1

  ومن المجاز: فلان من الديلم، وهو ديلمي من الديالمة أي عدوّ من الأعداء، لشهرة هذا الجيل بالشرارة والعداوة؛ قال رؤبة يصف جيشاً:

  في ذي قُدامَى مُرْجحنّ ديلمُهْ ... إذا تَدانَى لم تُفَرَّجْ أجمُهْ

  وبه فسّر قول عنترة:

  شرِبَتْ بماء الدُّحْرُضَينِ فأصْبَحَتْ ... زَوْراءَ تنفِرُ عن حِياضِ الدّيْلَمِ

  ومن ثمّ قالوا للنّمل والقِرْدان: الديلم، لأنّها أعداء الإبل. ويقال: ليلٌ أدلم؛ وقال عنترة:

  ولقد هَمَمتُ بغارَةٍ في لَيلةٍ ... سوداءَ حالكَةٍ كلونِ الأدلَمِ

  فهذا تشبيه وذاك استعارة.

  دله - دَلِهَ فلانٌ دَلَهاً: تحَيّر وذهب فؤاده من همّ أو عشق، وتدلّه، ودلّهني حبُّ الدنيا. ودلِهتْ فلانةُ على ولدها ودُلِّهتْ، وفلانٌ مُدلَّهٌ: لا يحفظ ما فَعَل ولا ما فُعِل به.

  دلي - أدلَيتُ دَلوي: أرسلتُها في البئر، ودَلَوْتُها: نزعتها. وسقى أرضه بالدّاليَة وبالدّوالي وهي النواعير. ودلّى شيئاً في مَهْواة وتدلّى بنفسه، ودلّى رجليه من السرير، ودلّاه بحبل من سطح أو جبل. وتدلَّتِ الثمرة من الشجرة.

  ومن المجاز: دَلَا فلانٌ ركابه دَلْواً إذا رفق بسوقها؛ قال:

  لا تعجلا بالسّوقِ وادلُواها ... فإنّها ما سَلِمَتْ قُوَاهَا

  بعيدَةُ المُصْبَحِ من مُمسَاهَا

  وقال:

  يا ميّ قد أدلو الرّكابَ دَلْوَا ... وأمنعُ العينَ الرُّقادَ الحُلوَا

  ودلوتُ حاجتي: طلبتها؛ قال:

  فقد جعلت إذا ما حاجتي نزَلتْ ... ببابِ دارِكَ أدلوها بأقْوامِ

  ودلَوْتُ بفلان إلى فلان: متَتُّ به وتشفّعتُ به إليه. ومنه الحديث: «دلونا به إليك مستشفعين». وأدلى بحقّه وحجّته: أحضرَها. وأدلى بمال فلان إلى الحكّام: رفعه. وتدلّى علينا فلان من أرض كذا: أتانا. يقال: من أين تدلّيت علينا؟ قال لبيد:

  فتَدَلّيتُ عَلَيهِ قافِلاً ... وعلى الأرْضِ غَياياتُ الطَّفَلْ

  وفلان يتَدَلّى على الشرّ وينحطُّ عليه. وتدلّى من الجبل: نزل؛ قال محمد بن ذؤيب:

  وحَوْضُ الحَجيجِ المُستَغاثُ بمائِهِ ... إذا الرَّكْبُ من نَجدٍ تدلّوا فتهمَّوا

  ودارَيتُ فلاناً وداليته: صانعتُه ورفقتُ به؛ قال كثيّر:

  بصاحبٍ لكَ ما دالَيتهُ غلُظَتْ ... منه النّواحي وإن عاتبته جَحَدَا

  وأدلى الفرس: روّل. وفي مثل: «ألقِ دلوك في الدِّلاءِ» حثُّ على الاكتساب؛ قال:

  ولَيسَ الرّزْقُ يأتي بالتّمَنّي ... ولكن ألقِ دلوَك في الدّلاءِ

  تجئك بملئِها يوْماً ويوْماً ... تجئكَ بحمأةٍ وقليلِ ماءِ

  {فَدَلَّاهُما بِغُرُورٍ}.

  دمث - دَمِثَ المكان فهو دَمِثٌ ودميث. ومال إلى دَمَثٍ من الأرض فبال. ودَمّثَ الشيءَ بيده: مرّسه حتى يلين. ودمّثْ لخبزتك: وطئ مكانها. ونزلنا بأرض مَيْثاء دَمْثاء.

  ومن المجاز: رجل دَمِثُ الأخلاق: وطيئها. وفي خُلُقه دَمَثٌ ودَماثَةٌ؛ وقال:

  لنا جانِبٌ منهُ دَميثٌ وجانِبٌ ... إذا رامَهُ الأعداءُ مُمتَنعٌ صَعْبُ

  وفي مثل: «دَمّثْ لنفسك قبل النوم مضطجَعاً» أي استعد للأمر قبل وقوعه. ويقال: دمّثْ لي ذلك الحديث حتى أطعن في حَوْصِه أي اذكر لي أوّله حتى أعرف وجهه فأعلم كيف آخذ فيه.