أساس البلاغة،

محمود بن عمر الزمخشري (المتوفى: 538 هـ)

رقد

صفحة 244 - الجزء 1

  ورافيته ورافأتُه: وافقته مرافأة ورِفاء، ومنه: بالرِّفاء والبنين. ورفّيتُ فلاناً ورفّأتُه: قلت له ذلك. وفي الحديث: «كان إذا رَفّأ رجلاً قال له بارك الله عليك وبارك فيك وجمع بينكما في خير». وتُبدل من الهمزة الحاء فيقال: رفّحته. ورافأني في البيع: سامحني وحاباني. وترافَوْا على الأمر وتَرافَؤوا: توافقوا وتظاهروا. وخرق فلان ثوب المودّة بالإساءة ثمّ رَفَأه بالإحسان.

  رقأ - رَقَأ دمعُه ودمُه، ورَقَأت عينه رَقْأً ورُقُوءاً، ولا رَقَأت دَمْعَة فلان، ولا أرقأ الله دَمْعَتَك، ولا أرقأ عينك؛ قال جرير:

  بكَى دَوْبَل لا يُرقئ الله دمعَهُ ... ألا إنّما يَبكي منَ الذّلّ دوبلُ

  وأرقَأتُ دم فلان: حقنتُه، وسكّن دمه بالرَّقُوء وهو ما يُرقأُ به كالوَضوء؛ وقال قيس بن عاصم لولده: لا تسُبّوا الإبلَ فإنّ فيها رَقُوءَ الدّم ومَهْرَ الكريمة. واليأس رَقُوء الدمع؛ قال الكُميت:

  فكنتَ هناكَ رَقُوء الدّما ... ء للمُتبِعاتِ الأنِينَ الزّفِيرَا

  وقال ذو الرّمّة:

  لئِن قطَعَ اليأسُ الحَنِينَ فإنّهُ ... رقوء لتَذرافِ الدّموعِ السوافك

  وتقول: فلانة طويلة القُرُوء بطيئة الرُّقوء.

  رقب - قعد يَرْقُب صاحبه رِقْبَة ويرتقبه، وأنا أترقّب كذا: أنتظره وأتوقّعه؛ وفلان يَرْقُب موت أبيه ليرثه. وأرقبتُه داري، وهذه الدّار لك رُقْبَى من المراقبة لأن كلّ واحد يرقب موت صاحبه. وهو رقيب القوم وهم رقباؤهم. وأشرف على مَرْقَب عال ومَرقبة. وهو رقيب الجيش: لطليعتهم. وأنا أرقُب لكم هذه اللّيلة. وما لك لا ترقب ذمّة فلان. ورجل أرقبُ ورَقَبَانيّ: عظيم الرّقبة.

  ومن المجاز: هذا الأمر في رِقابكم وفي رقبتك. والموت في الرِّقاب. ومن أنتم يا رِقابَ المزاوِد: يا عجمُ لحُمرتهم؛ وأنشد الأصمعي:

  يُسمّونَنا الأعرابَ والعرَبُ اسمُنا ... وأسماؤهم فينا رِقابُ المَزاوِدِ

  وأعتق الله رقبته. وأوصى بماله في الرِّقاب. ورَقَبَه وراقبَه: حاذره لأن الخائف يرقب العِقاب ويتوقّعه، ومنه فلان لا يراقب الله في أموره: لا ينظر إلى عقابه فيرْكَب رأسه في المعصية. وبات يرقُب النّجوم ويراقبها كقولك: يرْعاها ويُراعيها. وامرأة رَقوب: لا يعيش لها ولد فهي ترقُب موتَ ولدها. وطلع رقيبُ الثّرَيّا وهو الدَّبَرَان لأنّه يتبعها لا يفارقها أبداً فلا يزال يرقُب طلوعها، ويقال: لا آتيك أو يَلْقى الثّرَيّا رقيبُها؛ قال جميل:

  أحَقّاً عِبادَ اللهِ أنْ لَستُ لاقِياً ... بُثَينَةَ أوْ يَلقَى الثّرَيّا رَقيبُها

  وورِث المجدَ عن رِقْبة أي عن كَلالة لأنّه يخاف أن لا يسلمَ له لخفاء نسبه. وتقول: نعم الرقيب أنت لأبيك ولأسلافك أي نعمَ الخَلَف لأنّه كالدَّبَران للثّرَيّا. ومنه قول عديّ يصف فرساً اتّبع غبار الحمير:

  كأنّ رَيِّقَهُ شُؤبُوبُ غادِيَةٍ ... لمَّا تَقَفّى رَقيبَ النَّقعِ مُسْطارَا

  أي تَبِعَ آخر النّقع.

  رقح - رقّحَ المالَ والعيشَ: قام عليه وأصلحه؛ قال الحارث ابن حِلِّزة اليشكريّ:

  يَترُكُ ما رَقّحَ مِن عَيْشِهِ ... يَعيثُ فيهِ هَمَجٌ هامِجُ

  وهو يترقّح لعياله: يتكسّب، وهو راقحة أهله: لكاسبهم كما يقال: جارحة أهله. وفي تلبية الجاهليّة: جئناك للنَّصاحه لم نأتِ للرَّقاحه؛ ويقال للتاجر: رَقاحيّ نسبة إليها، وهو رَقاحيُ مال: كاسبه ومصلحه.

  رقد - هو رَقّاد ورَقودٌ، ولا يرقد باللّيل، وما بي رُقود ورُقاد، وما أطيبَ رَقدةَ السَّحَر ورقداتِ الضُّحى. وأرقدتِ المرأة ولدها: أنامته، وتراقد: تناوم، وبعثه من مَرْقَده، وأخذوا مراقدهم. وسقاه المُرْقِدَ. واسترقدتُ فما أدركت الجماعة إذا غلبك الرُّقاد. وبين الدّنيا والآخرة هَمدة ورَقدة.