أساس البلاغة،

محمود بن عمر الزمخشري (المتوفى: 538 هـ)

بطأ

صفحة 42 - الجزء 1

  وأبضَعْتُه كذا إذا جَعَلتَه بِضاعَةً له. واستَبضَعتُ كذا إذا جعلتَه بضاعَةً لك؛ قال زُمَيْلٌ⁣(⁣١):

  فإنّكَ وَاسْتِبْضَاعَكَ الشِّعْرَ نَحْوَنا ... كمُسْتَبْضِعٍ تَمْراً إلى أهْلِ خَيبرَا

  ويقولون: هو باضِعُ الحَيّ لمن يَحْمِلُ بَضَائِعَهُم.

  ومن المجاز: من رَضَعَ معك رَضْعَه فهو منك بَضْعَه، أي هو بعضُك.

  ومن الكناية: بضَعَ المرأةَ بَضْعاً وباضَعَها بِضاعاً ومَلَكَ بُضْعَها إذا عقَدَ عليها. وبَضَعْتُ من الماء: رَوِيتُ لأنّك تقطعُ الشربَ عند الرّيّ. يقال: حتى متى تَكْرَعُ ولا تَبْضَع! وبَضَعْتُ من فلان إذا سئِمتَ من تكرير النُّصْحِ عليه فقَطَعْتَه.

  بطأ - أبْطَأ عليّ فلانٌ، وبَطُؤ في مِشْيَتِه، وتَباطأ في أمره، وتَباطأ عني، وفيه بُطْءٌ، وما كنتُ بَطيئاً ولقد بَطُؤتُ، وفَرَسٌ بَطيءٌ من خَيْلٍ بِطَاءٍ، وما أبطأَ بك عنّا؟ وما بَطّأ بك، وما بَطّأك؟ قال عُمَرُ بنُ أبي رَبِيعَةَ:

  فقمتُ أمشِي وقامَتْ وَهيَ فاتِرَةٌ ... كشارِبِ الرّاحِ بَطّا مَشْيَهُ السَّكَرُ

  واستبطأتُه، واستَبطأتُ عَطاءَه، وكتبَ إليّ كتابَ استِزادَةٍ واسْتِبْطاء، وكتَبَ إليّ يَستَزِيدُني ويَستَبطِئُني.

  بطح - بطَحَه على وجهه فانْبَطَح. ونَظَرَ حُوَيْصٌ إلى قبر عامر بنِ الطُّفَيْلِ فقال: هو في طول بَطْحَتي. أراد في طول قدّي مُنْبَطِحاً على الأرض، وهي من البَطحِ كما أنّ القامةَ من القِيامِ. تقول للرجل: كيف بَيتُك؟ فيقول: قامَةٌ في بَطحَةٍ، يريد سَمْكَه وسَعتَه. وحبّذا بَطحاءُ مكّةَ! وهو من أهلِ الأبْطَح؛ وأنشد:

  لنا نَبْعَةٌ فَرْعُها في السّماء ... ومَغْرِسُها سُرّةُ الأَبْطَحِ

  وهم قُرَيشُ البِطاح والأباطِحِ؛ قال:

  قُرَيْشِ البِطاحِ لا قُرَيْشِ الظّوَاهرِ

  وبِطَاحٌ بُطْحٌ: واسعَةٌ عريضةٌ. وتبطّحَ السيلُ: اتّسع مَجْراه؛ قال ذو الرُّمّة:

  ولا زَالَ من نَوْء السِّماكِ علَيكُما ... ونَوْءِ الثّرَيّا وَابِلٌ مُتَبَطِّحُ

  وتبَطّحَ فلانٌ: تَبَوّأ الأَبْطَحَ؛ قال:

  هلّا سألتَ عن الّذينَ تَبَطّحُوا ... كرَمَ البِطاحِ وخَيرَ سُرّة وَادِي

  بطخ - أَبْطَخَ القومُ وأقْثَأُوا: كثُرَا عندهم. ونظر اللّيثُ إلى قَوْمٍ يأكُلونَ بِطّيخاً؛ فقال:

  لمّا رأيْتُ المُبْطِخِينَ أبْطَخُوا ... فأكَلُوا منهُ ومنهُ لَطَّخُوا

  ورَأيتُه يدور بين المَطابِخ والمَبَاطِخِ. وتَبَطّخَ: أكلَ البِطّيخَ. وتقول: التّبَطّح خير من التّبَطّخ، أي النّزولُ بمكّةَ خيرٌ منه بخُوَارَزْمَ.

  بطر - فيه طرَبٌ وبَطَرٌ وهو مجاوزة الحدّ في المَرَحِ وخِفّةِ النّشاط والزَّعَلِ. ورجلٌ أشِرٌ بَطِرٌ، وأبْطَرَه الغِنى. وفَقْرٌ مُخْطِر خيرٌ من غِنًى مُبْطِر. وما أمْطَرَتْ حتى أبْطَرَتْ، يعني السّماءَ. وإن الخِصْبَ يُبْطِرُ النّاسَ؛ كما قال:

  قوْمٌ إذا اخضَرّتْ نعالُهُم ... يَتَناهَقونَ تَناهُقَ الحُمُرِ

  وامرأةٌ بَطِيرَةٌ: شديدةُ البَطَرِ. وبَيْطَرَ الدّابةَ بَيْطَرَةً، و «أشْهَرُ من راية البَيْطارِ» والدّنيا قَحْبَةٌ: يوماً عند عَطّار ويوْماً عند بَيْطار. وعهدي به وهو لدوابّنا مُبَيْطِرٌ فهو اليومَ علينا مُسَيْطِر.

  ومن المجاز: لا يُبْطِرَنّ جَهْلُ فلانٍ حِلْمَك أي لا يجعله بَطِراً خفيفاً. ولا تُبْطِرَنّ صاحبَك ذَرْعَه أي لا تُقلِقْ إمكانه ولا تَستَفِزّه بأن تكلّفه غير المُطَاقِ، وذَرْعَه من بدَل الاشتمال. وبَطِرَ فلانٌ نعمةَ اللهِ: استخفّها فكَفَرَها، ولم يَستَرْجِحها فيَشكُرَها، ومنه {بَطِرَتْ مَعِيشَتَها}. وذهَبَ دمُه بِطْراً أي مَبْطوراً مستَخَفّاً


(١) نسبه في لسان العرب إلى خارجة بن ضرار.