أساس البلاغة،

محمود بن عمر الزمخشري (المتوفى: 538 هـ)

غسق

صفحة 450 - الجزء 1

  فقامَ لا وانٍ وَلا رَثّ القُوَى

  وجئتك مع الغزالة أي مع طلوع الشّمس. وفلانٌ غَزِلٌ ومتغزِّل وغِزِّيل، وهو غَزِيلُها، فعيل بمعنى مُفاعل كحديث وكليم. وتقول: إن صاحب الغَزَل أضلّ من ساق مِغزل؛ وضلاله: أنّه يكسو النّاس وهو عار؛ قال إياس بن سهم الهذلي:

  نَسبْنا بلَيلى فانبعَثتَ تَعيبُها ... أضلَّ من الحجّام أو ساقِ مِغزل

  يريد حجّام ساباطَ. وتقول: مغازلة الغزلان أهون من منازلة الأقران.

  ومن المجاز: أطيب من أنفاس الصَّبا إذا غازلتْ رياضَ الرُّبَى. وفلان يغازل رغَداً من العيش.

  غزو - مرَّ غزِيُ بني فلان وعِديُّهم وهم الذين يعْدون على أرجلهم، ولم تزل بنو فلان حجيجاً غَزِيّاً أي حُجّاجاً غُزاة. وتقول: رأيتُ غُزّاً غُزَّى. وقد أغزى الأميرُ الجيش. وأغزت فلانة وأغابت: غَزَا زوجُها وغاب، وامرأة مُغزيَةٌ ومُغيبةٌ. وتقول: هو بالمخازي أشهر منه بالمغازي.

  ومن المجاز: غزوتُ بقولي كذا أي قصدته، وما أغزو إلّا السّداد فيما أقول، وما غزوي إلّا النّصيحة أي قصدي وإرادتي.

  غسس - فلان غُسٌ وقوم أغساس وهو اللّئيم الضّعيف؛ قال:

  فلم أرقِهِ إن ينجُ منها وإن يمت ... فطعنةُ لا غُسٍ ولا بمُغمَّرِ

  وتقول: ما يكرع في العُس إلّا ولد الغُس، وفلان خسيس من الخِساس غُسٌ من الأغساس.

  غسق - يقولون: من الغسَق إلى الفلَق. وهو دخول أوّل اللّيل حين يختلط الظّلام، وقد غسَق اللّيل يغسِق غَسْقاً وغُسوقاً. وبنو تميم على أغسَقَ؛ قال ابن قيس:

  إنّ هذا اللّيلَ قد غَسَقا ... واشتكَيتُ الهَمَّ والأرَقا

  وقال جسّاس:

  أزورُ إذا ما أغسقَ اللّيل خُلَّتي ... حِذارَ العِدى أوْ أن يُرجِّم قائلُ

  ونحوهما: دَجَا اللّيلُ وأدجى. وغسَق القمرُ: أظلم بالخسوف، وأغسقنا: دخلنا في الغسَق. وكان الربيع بن خَيثَمَ يقول لمؤذّنه يوم الغيم: أغسِقْ أغسِقْ أي ادخل في الغسَق ثمّ أذِّن أو أغسِقْ بالأذان، كقوله: أبرِدوا بالظُّهر. وتقول: أعوذ بالله من الغاسق إذا وقب ومن الفاسق إذا وثب.

  ومن المجاز: غسَقتِ العينُ، وعين غاسقة إذا أظلمت ودمَعَتْ، ومنه: الغَسّاق وهو ما يسيل من جلودهم أسودَ. وتقول: ألا إن بصددِ الفُسَّاق تجرُّعَ الصَّديدِ والغَسَّاق.

  غسل - ما أطيبَ غِسْلَها وغِسلتها وهو ما تَغسِل به رأسها من آس مُطرًّى بأفاويه الطِّيب أو خِطْميٍّ أو غير ذلك، وما وجدتُ غَسولاً أي ماءً أغتسل به، وبنوا هذه المدينة بغُسالاتِ أيديهم أي بمكاسبهم، وخرج النّساء إلى مغاسلهن: حيث يغسلن الثياب، وتستّرْ في مُغتسلك ومتغسَّلك.

  ومن المجاز: تلطَّخ بعارٍ لن يُغسلَ عنه أبداً، ولا يَغسِل عنك ما صنعت إلّا أن تفعل كذا. وما غسلوا رؤوسهم من يوم الجَمَلِ: ما فرغوا منه وما تخلّصوا. وكلام فلان مغسول ليس بمعسول؛ كما تقول: عُريان وساذَج: للذي لا يُنكّتُ فيه قائله كأنّما غُسل من النُّكَتِ والفِقَر غَسْلاً أو من حقّه أن يُغسلَ ويُطمسَ. ومنه قولهم: على وجه فلان غِسْلَةٌ إذا كان حسَناً ولا مِلحَ عليه، ويقال في ضدّه: على وجهه حِفْلةٌ. وغسله بالسّوط: ضربه ضرباً موجعاً، كقولك: صبّ عليه سوط عذاب. ورجلٌ غَسِلٌ: ضَروبٌ لامرأته؛ قال الهذليّ:

  وقْع الوبيل نَحاه الأهوجُ الغَسِلُ

  ومنه: غَسَل الفحلُ طَروقتَه: ألحّ عليها بالضراب، وهو فحلٌ غُسَلَةٌ.

  غشش - ما نصحتُ أحداً إلّا استغشّني واغتَشّني؛ قال:

  ألا ربّ مَن تغتشُّهُ لكَ ناصح ... ومؤتمَن بالغيبِ غير أمينِ

  وقال أبو النّجم: