أساس البلاغة،

محمود بن عمر الزمخشري (المتوفى: 538 هـ)

نجس

صفحة 620 - الجزء 1

  وتمّ، ومنه نَجَزَ الكتابُ. ونَجَزَتْ حاجتُه، وأنت على نَجَزِ حاجتك ونُجْزِها. وبعته ناجِزاً بناجزٍ: يداً بيد. وناجَزَه القتال. وعن أكثم بن صَيْفيّ: إن رُمت المحاجزه فقبل المناجزه. واستنجزت منه كتاباً وتنجّزته؛ وقال النابغة يرثي أبا قابوس:

  وكنتَ رَبيعاً لليَتامَى وعِصمَةً ... فملكُ أبي قابوسَ أمسَى وَقد نجَزْ

  أي تمّ، يقال: نَجَزَ يَنْجِزُ وينجُز ونجَز ينجَز.

  نجس - نَجِس ثوبُه نَجَساً ونَجاسةً، وتنجّس بالعَذِرة، وأنجسه ونجّسه. وعن الحسن رضي الله تعالى عنه في رجل تزوّج امرأةً كان قد زنَى بها: هو أنجسَها فهو أحَقُّ بها. وشيء نَجِسٌ ونَجَسٌ صفةٌ بالمصدر. وشيء رِجْسٌ نِجْسٌ إذا قرن برِجْس. وتقول: إذا جاء القدر لم يُغنِ المنجِّم والمنجِّس ولا الفيلسوف والمهندس؛ وهو الذي يعلِّق على الذي يُخاف عليه الأنجاسَ من عظام الموتى وغيرها ليطرد الجنّ لنفرتها عن الأقذار؛ قال:

  ولَوْ كانَ عندي حازِيانِ وراقبٌ ... وعَلّقَ أنجاساً عليّ المُنَجِّسُ

  وقال حسّان:

  وحازِيَةٍ مَلبُوبةٍ ومُنَجِّسٍ ... وطارقةٍ في طَرقِها لم تُشَدِّدِ

  لبيبة، ومنه: داء ناجسٌ ونَجيس: أعيا المنجِّسين؛ قال أبو ذؤيب:

  لشانئه طولُ الضَّراعة منهُمُ ... وداءٌ قد اعيا بالأطبّاء ناجسُ

  وقال ساعدة بن جؤيّة:

  والشّيبُ داءٌ نجيسٌ لا دواء لَهُ ... للمرء كان صَحيحاً صائب القُحَمِ

  أي هو داء عياء للرجل الصحيح الجَلْدِ الذي إذا تقحّم في الشدائد صاب فيها ولم يخطئ.

  ومن المجاز: النّاس أجناس وأكثرهم أنجاس. ونجّستْه الذنوبُ {إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ}. وتقول: لا ترى أنجس من الكافر ولا أنحس من الفاجر.

  نجش - نُهي عن النَّجْش، ورُوي: «لا تَناجَشوا». وهو أن تستام السلعة بأزيد من ثمنها ليراك الآخر فيقع فيها، وكذلك في النكاح وغيره؛ وقال النابغة:

  وتُرَخّي بالَ مَن يَشربها ... ويُفَدّى كَرْمُها عند النَّجَشْ

  ومع الصائد ناجِشٌ وهو الحائش الذي يحوش عليه الصيد. وسائق نَجّاشٌ: حاثٌّ للإبل.

  نجع - خرجوا للانتجاع والنُّجْعَةِ وهي طلب الكلإ وقد انتجعوا ونجَعوا. ومرّت بنا ناجعة ونواجع: قوم منتجعون؛ قال:

  وأعلَمُ أنّني سأصيرُ رَسماً ... إذا انتَجَعَ النّواجعُ لا أسيرُ

  ونجَعتُ البعيرَ: سقيتُه النَّجُوعَ المديدَ وهو الخَبَطُ يُضرب بالدقيق والماء. ودخل المقداد على عليّ رضوان الله تعالى عليهما وهو يَنجَعُ بَكَراتٍ له. ونجَع فيه طعامُه: هَنأه، ونجَع فيه الدّواءُ: نفعه. وماء نَجوعٌ: نميرٌ. وطعنةٌ تمجّ النّجيعَ وهو دم الجوف. وتنجّعَ بالدّم: تلطّخ به؛ قال أسد بن باعصة:

  ولرُبّ كبشِ كتيبَةٍ غادَرتُه ... يكبو لجبهتهِ صريعاً أطحَلا

  متَنَجِّعاً قد دُقّ في حَيزُومِهِ ... صدرُ القناةِ على العَزازِ مُجدَّلا

  ومن المجاز: انتجعتُ فلاناً: طلبتُ معروفَه. وعن معاوية رضي الله تعالى عنه: أن رجلاً تغدّى معه فتناول من مُخّة معاويةَ شيئاً فقال له: إنّك لبعيد النُّجعة، فقال: «من أجدب جنابُه انتجع»؛ وقال ذو الرُّمّة:

  رَأيتُ النّاسَ يَنتَجعونَ غيثاً ... فقلتُ لصيدَحَ انتجعي بلالا

  ونُجِع الصبيّ لبنَ الشّاة وبلبن الشاة: غُذِيَ به وسُقِيَه.