أساس البلاغة،

محمود بن عمر الزمخشري (المتوفى: 538 هـ)

نحح

صفحة 622 - الجزء 1

  أجدَّكَ ما تزالُ نجيّ هَمٍ ... تَبيتُ اللّيلَ أنتَ لهُ ضَجيعُ

  وباتت في صدره نجيّةٌ قد أسهرته وهي ما يناجيه من الهمّ. وأصابته النُّجَواء: حديث النّفس ونجواها؛ وأنشد ابن الأعرابيّ لمرّار بن منقذ:

  إنّ الهُمومَ لها إذا لم تقرِها ... نُجَوَاءُ تدخل تحتَ كلّ شِعارِ

  وقال آخر:

  وهَمّ تأخذُ النُّجَواء منْهُ ... يُعكّ بصالبٍ أو بالملالِ

  واستنجَى: أصله الاستتار بالنَّجوة، ومنه: نجا ينجو إذا قضى حاجته، نَجْواً. وما نجا المريض منذ ليال، وشرب الدواء فما أنجاه، وقيل: هو من نجوتُ الغصنَ واستنجيته إذا قطعته. ونجوتُ الجِلد عن الجَزور: كشطتُه.

  نحب - هو نَحْبٌ عليه أي نَذْرٌ؛ قال حسان:

  مَساميح أبطال يُرَجَّونَ للنّدَى ... يَرَوْنَ علَيهِم فعلَ آبائهِم نَحْبَا

  وقد نَحَبَ فلان نَحْباً ونحَّب تنحيباً: أوجب على نفسه أمراً، وهو منحِّبٌ؛ قال نُصيب:

  وإنّي لَساعٍ في رِضَاك كما سَعى ... ليُلقَي ثِقلَ النَّحبِ عنه المنحِّبُ

  ومن المجاز: نحَبَ الباكي ينحِب نحيباً، وانتحب انتحاباً: جدّ في بكائه. ونحبَ القومُ في سيرهم ونحّبوا: جدّوا وساروا على نَحْبٍ، وسيرٌ نَحْبٌ. وقَرَبٌ منحِّبٌ؛ قال ذو الرمّة:

  ورُبّ مَفازَةٍ قَذَفٍ جَموحٍ ... تغولُ منحِّبَ القَرَبِ اغتيالا

  وسرنا إلى مكّة ثلاث ليال منحباتٍ. وأصابته شوكة فنحّب عليها ينتقشها: أكبّ عليها. وناحبتُه على كذا: خاطرتُه، ومنه لأناحِبَنّك: لأحاكمنّك. وقَضى نَحْبَهُ: مات كأن الموت نَذْرٌ في عنقه.

  نحت - عُودٌ نَحيتٌ ومنحوتٌ، وهذه نُحاتةُ العُودِ. وفي يده المِنحت والمِنحاتُ. وانتحِتْ من الخشبة ما يكفي الوقودَ.

  ومن المجاز: هو كريم النَّحيتة أي الطبيعة. وهو من مَنحَتِ صدقٍ. وهم كرام المَنابت والمناحت. ونُحِتَ على الكرَم، والكرَمُ من نَحْتِه. وتقول: هو عجيب النّعت كريم النّحت، ونحتَ الجبل: حفره؛ قال أبو النجم:

  وهوَ على عذبٍ رواء المنهلِ ... دَحْلُ أبي المِرْقال خير الأدحُلِ

  من نحتِ عادٍ في الزّمانِ الأوّل

  وجملٌ نَحيتٌ: قد انتُحِتتْ مَناسمه. ونَحَتَ السّفرُ الإبلَ: براها. ونَحَتَه بلسانه: لامه. ونحَتَه بالعصا: ضربه بها.

  نحح - هو شَحيحٌ نَحيحٌ، وتقول: قوم نَحانحةٌ لئامٌ، وهم الذين يتنحنحون إذا سئلوا؛ قال:

  سيماهُمُ حينَ تَراهم واضِحَهْ ... ليَسوا بأقزامٍ وَلا نَحانحَهْ

  وتقول: هو من أقوام غير أقزام؛ وجحاجحه غير نَحانحه.

  نحر - ضربَ نَحْرَه ونحورهم، ومنه: نَحَرَ البعيرَ: طعن في نحره، نحراً، ونحّرَ الإبلَ، وإبل منحَّرة، وهذا مَنحَر البُدُنِ، وهذه مَناحرها، وهم نحّارون للجُزُر. وتناحروا في الحرب.

  ومن المجاز: جاء في نَحْرِ النهار، ونحْرِ الشّهر وناحِرَتِه ونَحيرتِهِ. وما أراه إلّا في نحور الشهور ونحائرها ونواحرِها؛ قال الكميت:

  والغَيث بالمُتألّقا ... تِ منَ الأهلّة في النّواحر

  إذا وقع الغيث في أوّل الشهر كان غزيراً. وجلس فلان في نَحْرِ فلان: قابَلَه، ونحَرتُه نَحْراً: قابلتُه. ومنازل القوم تتناحر وتتناوح، وديارهم تنحَر الطريقَ: تقابله؛ قال:

  أبا حَكَمٍ ها أنتَ عمُّ مجالدٍ ... وسيّدُ أهل الأبطَح المُتناحر