أساس البلاغة،

محمود بن عمر الزمخشري (المتوفى: 538 هـ)

ركز

صفحة 248 - الجزء 1

  ولقد ارتقيتَ يا فلان مُرتَقًى صعباً، ورقّاك الله أعلى الرُّتب؛ وقال:

  وَارْقَ إلى الخَيراتِ زَنْأً في الجَبَلْ

  ورقّى عليه كلاماً: رفع، ورُقي إلى سمعه كذا. وترقّى في العلم والملك: رَقيَ درَجة درجة. وتراقَى أمرهم إلى الفساد وترامى. وارتقى بطنُ البعير: امتلأ شِبَعاً. وارتقى القرادُ في جنب البعير. ورَقَيتُ فلاناً إذا تمَلّقتَ له وسللتَ حقدَه بالرِّفق كما تُرقَى الحيّةُ حتى تُجيبَ، وقال كثيّر لعبد الملك بن مروان:

  وما زالتْ رُقاكَ تَسلّ ضِغْني ... وتُخرجُ من مَكامِنها ضبابي

  ويَرقيني لكَ الحاوُونَ حتى ... أجابك حَيّةٌ تحتَ الحِجابِ

  ركب - رَكِبَه وركبَ عليه رُكوباً ومَرْكباً، وإنّه لحسن الرِّكبة، ونعم المركب الدابة، وأُرفئ مركب فلان فركب فيه، وجاءت مراكب اليمن: سفائنه. وأوضعوا ركابهم وركائبهم، وما له ركوبة ولا حلوبة، وبعير ركوب، وإبل رُكُبٌ، وهم رُكبان الإبل، ورُكّاب السّفن، وأركبني خلفه، وأركبني مركباً فارِهاً. وأركبَ المهرُ، ولي قلوصٌ ما أركبتْ. وفارسٌ مركَّبٌ: أعطاه رجل فرساً يغزو عليه على أن له بعضَ غُنْمه؛ قال:

  لا يَركَبُ الخيلَ إلّا أنْ يُرَكَّبَها

  ووضع رجله في الرِّكاب، وقطعوا رُكُبَ سروجهم. وزيتٌ رِكابيّ: محمولٌ من الشّأمِ على الرِّكاب. ومرّ بي رَكْبٌ وأُرْكوبٌ. ومرّوا بنا رُكوباً. واستركبتُه فأركبني. وركّبَ الفصَّ في الخاتم والسنان في القناة فتركّب فيه. ورَكَبتُه: ضربتُ رُكْبَتَيْه، وضربته بركبتي وهو أن تقبض على فوديه ثمّ تضرب جبهته بركبتك. ورجل أركبُ: عظيم الركبة. وبين عينيه مثل ركبة العنز من أثر السجود. ووسِّعْ رَكيبَ كَرْمك ومبطختِك وهو الظهر بين النّهرين.

  ومن المجاز: رَكِبَ الشحمُ بعضُه بعضاً وتراكب. ورَكِبَهُ الدَّينُ. ورَكِبَ ذنْباً وارتكبه. ورَكِبَه بالمكروه وارتكبه. وإن جزورهم لذات رواكبَ وروادفَ، فالرواكب طرائق الشحم في مقدّم السّنام والروادف في مؤخّره. والرّياح رِكابُ السّحاب؛ قال أميّة:

  ترَدَّدُ والرّياحُ لها رِكابُ

  ورَكِبَ رأسَه: مضى على وجهه بغير رويّة لا يطيع مرشداً. وهو يمشي الرَّكْبَةَ، وهم يمشون الرَّكَبَاتِ. وفي حديث حذيفة: «إنّما تهلكون إذا صرتم تمشون الرَّكَباتِ كأنّكم يعاقيبُ حَجَلٍ لا تعرفون معروفاً ولا تنكرون منكراً». وعلاه الرُّكَّابُ: الكابوس بوزن كُبّار. وطلعت رُكْبانُ السنبل: سوابقه وأوائلُه إذا خرجت به من القُنْبُع. وهو كريم المنبت والمركّب. وهذا أمر قد اصطكت فيه الرُّكَب وحكّت فيه الرُّكبةُ الرُّكبةَ.

  ركد - ريح راكدة: ساكنة، ورياح رواكد. وماء راكد: لا يجري. وركدت السفينة. وللشمس رُكود وهو أن تدوم حِيال رأسك كأنّها لا تريد أن تبرح. ورَكدَ الميزانُ: استوى. وركد القوم في مكانهم: هدؤوا، وهذه مراكدهم ومراكزهم.

  ومن المجاز: ركدت ريحهم إذا زالت دولتهم وأخذ أمرهم يتراجع، وطفقت ريحهم تتراكد. وجَفنة ركود: ثقيلة. وتقول: لبني فلان لِقْحَةٌ رَفود وجَفنة ركود: تملأ الرِّفد وهو العُسّ. وناقة مَكُود ركود: دائمة اللبن.

  ركز - أنزل الله بهم رِجْزاً حتى لا تسمع لهم رِكزاً؛ أي همساً. وركز الرّمحَ والعودَ ركزاً؛ قال ذو الرّمّة:

  عن وَاضحٍ لوْنُه حُوّ مراكِزُهُ ... كالأُقحُوانِ زَهتْ أحقافُه الزّهرَا

  أي لثاتُه. وركز الله المعادن في الجبال، وأصاب ركازاً: مَعْدِناً أو كنزاً. وقد أركز فلان.

  ومن المجاز: هذا مركزُ الجُند، وأخلّوا بمراكزهم. وعِزّ بني فلان راكز: ثابت لا يزول. وإنّه لمركوزٌ في العقول. ودخل علينا فلان فارتكز في مكانه: لا يبرح. وارتكز على قوسه: جنح على سِيتَها معتمداً. وكلَّمته فما رأيتُ له رِكزة: مُسكةً من عقل.