أساس البلاغة،

محمود بن عمر الزمخشري (المتوفى: 538 هـ)

أول

صفحة 25 - الجزء 1

  أول - آلَ الرّعِيّةَ يَؤولُها إيالَةً حسَنَةً، وهو حسنُ الإيالَةِ، وأتالَها وهو مُؤتَالٌ لقومه مِقْتَالٌ عليهم أي سائِسٌ مُحْتَكِم. قال زِيادٌ في خطبته: قد أُلْنَا وإيلَ علينا أي سُسْنَا وسِسْنَا، وهو مثَلٌ في التجارب؛ قال الكُمَيتُ:

  وقد طالَمَا يا آلَ مَرْوَانَ أُلْتُمُ ... بلا دَمَسٍ أمْرَ العُرَيْبِ ولا غَمْلِ⁣(⁣١)

  وهو آيلُ مالٍ. وأوّلَ القرآنَ وتأوّلَه. وهذا مُتَأوَّلٌ حسنٌ: لطيفُ التأويلِ جِدّاً. قال عبدُ الله بنُ رَوَاحَةَ رضي الله تعالى عنه:

  نحنُ ضَرَبناكم على تَنْزِيلِهِ ... فاليَوْمَ نَضرِبكمْ على تأْويلِهِ

  ضَرْباً يُزِيلُ الهَامَ عَن مَقِيلِهِ ... ويُذْهِلُ الخَليلَ عن خَليلِهِ.

  وتقول جملٌ أوّلٌ وناقَةٌ أوّلَةٌ إذا تَقَدّما الإبلَ. ويقال أوّلَ الحُكْمَ إلى أهلِه: ردّه إليهم. وفي الدّعاء للمُضِلّ: أوّلَ اللهُ عليك أي ردّ عليك ضَالّتَك. وخرج في أوائل الليل وأُولَيَاتِه.

  ومن المجاز: فلان يَؤولُ إلى كَرَم، وما لَكَ تَؤولُ إلى كَتِفَيك إذا انضمّ إليهما واجتَمَع. وطَبَخْتُ الدواء حتى آلَ المَنّانِ منه إلى مَنّ واحد. وتقول: لا تُعَوِّلْ على الحسب تعويلاً فتقوى الله أحسنُ تأويلاً أي عاقبةً. وتأمّلْتُه فتأوّلْتُ فيه الخيرَ أي تَوَسّمْتُه وتَحَرّيْتُه. وحُمِلَ على الآلةِ الحَدْباء وهي النعشُ.

  أوم - في جَوْفه أُوَامٌ وأُوَارٌ وهو حرارَةُ العطش. ودعا جَريرٌ إلى مُهاجاتِه رجلاً من كُلَيب، فقال الكليبيّ: إنّ نسائي بآمَتِهنّ ولم تدَعِ الشعراءُ في نِسائِك مُتَرَقَّعاً. يعني أنّ نساءه سَليماتٌ من الهجاء فلا أُعَرّضُهُنّ له ونساؤك مَهْجُوّاتٌ. يقال: فلانَةُ بآمَتِها أي بعُذْرَتِها.

  أون - هو يفعل ذلك آوِنَةً بَعْدَ آوِنَةٍ، وأنا آتيه آوِنَةً بَعْدَ آوِنَةٍ. وعن النّضْرِ: الآنُ آنُكَ إن فعلْتَ. وامشِ على الأَوْنِ وهو الرُّوَيْدُ من المشي، عن الأصمَعيّ. وأُنْ على نفسِك أي ارفُقْ. وعن بعض العرب: أُونوا في سَيركم شيئاً. ويقال: على رِسْلِكَ وأَوْنِكَ وهَوْنِكَ؛ قال:

  غَيّرَ يا بِنْتَ الجُنَيْدِ لَوْني ... مَرُّ اللّيالي واختِلافُ الجَوْنِ

  وسَفَرٌ كانَ قَليلَ الأَوْن

  وبيننا وبين مكّة ثلاثُ لَيالٍ أوَائِنَ وآئِنَاتٍ. وكان في إيَوانِ كِسَرى، والإيوانُ والإوَانُ بيتٌ مُؤزَّجٌ⁣(⁣١) غيرُ مَسدود الوجه، وكلّ سِنادٍ لشيء فهو إوَانٌ له.

  أوه - تَأوّهَ من خشيةِ الله تعالى. وفلانٌ مُتَألِّهٌ مُتَأوِّهٌ.

  أوي - اللهمّ آوِني إلى ظِلّ كَرَمِك وعفوِك. وتقول: أنا أهْوِي إلى مَعاقِلِك هُوِيّا وآوِي إلى ظِلالِكَ أُوِيّا. وما لفلان امرأةٌ تُؤوِيه. وقال ابن عبّاس للأنصار ¤: بالإيوَاء والنّصْرِ ألّا جَلَسْتمْ. وأنتم مأوَى المَحاويج. وتألّبُوا عليّ وتآوَوْا ثمّ شَنّعوا عليّ وتَعاوَوْا. وأوَيْتُ عن كذا إذا تركتَه، وأوَيْتُ لفلان: رَثَيْتُ له أيّةً ومأوِيَةً؛ قال:

  ولو أنّني اسْتَأوَيْتُهُ ما أوَى لِيَا

  وتقول: وَجَدَني يَتيماً فآوَى وشهّرَني وأنا أخْمَلُ من ابنِ آوَى.

  أهب - أخَذَ للسّفَرِ أُهْبَتَه وتأهّبَ له. وبنو فلانٍ جاعوا حتى أكلوا الأُهُبَ. وكاد يخرجُ من إهابِه في عَدْوِه؛ قال أبو نُوَاسٍ في طَرَدِيّاتِه:

  تَرَاهُ في الحُضْرِ إذا هَاهَا بِهِ ... كأنّما يَخْرُجُ مِن إهَابِهِ

  أهل - رجعوا إلى أهاليهم. وفلانٌ أهْلٌ لكذا وقد اسْتَأهَلَ لذلك وهو مُستأهِلٌ له، سمعتُ أهلَ الحجاز يستعملونه استعمالاً واسعاً. ومكانٌ آهلٌ ومأهولٌ. وأهَلَ فلانٌ أُهُولاً، وتأهّلَ: تزوّجَ، ورجُلٌ آهِلٌ. وفي الحديث: «أنّه أعطى العَزَبَ حَظّاً وأعطَى الآهِلَ حَظّين». وآهَلَكَ اللهُ في الجنّة إيهالاً: زوّجك. «ووُشْكَانَ⁣(⁣٢) ذا إهالَةً»


(١) دمس: اسم لما غطي. والعريب مصغر عرب. والغمل مصدر غمل الأمر يغمله: ستره وواراه.

(١) مؤزج: مرتفع بناؤه.

(٢) وشكان: اسم فعل كسرعان، وهو مثل يضرب للشيء يأتي قبل حينه.