أساس البلاغة،

محمود بن عمر الزمخشري (المتوفى: 538 هـ)

بخر

صفحة 30 - الجزء 1

  ومن المجاز: وَصْفُ الجماد بذلك كالعُودِ وغيرِه إذا غَلُظَ صَوْتُه وأشْبَهَ البُحّةَ، نحو قول خُفَافٍ في صفة القِدَاح:

  قَرَوْا أضْيافَهُمْ رَبَحاً ببُحٍ ... يَعيشُ بفَصْلِهنّ الحَيُّ سُمْرِ

  وقول آخر في صفة العَظْم:

  وعاذِلَةٍ باتَتْ بلَيْلٍ تَلُومُني ... وفي كَفّها كِسْرٌ أبَحُ⁣(⁣١) رَذُومُ

  وقوله:

  وأبَحُ جُنْدِيٌّ وثاقِبَةٌ ... سُبِكَتْ كَثاقِبَةٍ من الجَمْرِ

  الجُنْدِيّ منسوبٌ إلى أجنادِ الشام، والثاقبةُ السَّبِيكَةُ من الذّهَبِ. وتَبَحْبَح في الأمر: تَوَسّعَ فيه، من بُحْبُوحة الدار وهيَ وسَطُها. وتَبَحْبَحَتِ العربُ في لُغاتِها: اتّسَعَتْ فيها.

  بحر - هو من البَحّارة، وهم الذين يَتَبَحّرون في البحر. وبَحَرَ أُذُنَ النّاقة: شَقّها طُولاً وهي البَحِيرَةُ.

  ومن المجاز: استَبحَرَ المكانُ: اتّسَعَ وصار كالبحر في سَعَتِه. وتبَحّرَ في العلم واستَبحرَ فيه. واستَبْحَرَ الخَطيبُ: اتّسَعَ له القولُ، وفي مَديحِكَ يستَبحرُ الشاعرُ؛ قال الطِّرِمّاح:

  بمِثْلِ ثَنَائِكَ يَحْلُو المَديحُ ... وتَسْتَبحِرُ الألْسُنُ المادِحَهْ

  و «إنْ وَجَدْناه لبَحْراً» وُصِفَ بالبحر لسَعَة جَرْيه؛ قال العجاج:

  بَحْرِ الأجارِيّ حَنِيكٍ مُسْهِلِ

  محتَنَكٌ قَوِيّ. وماءٌ بَحْرٌ، وُصِفَ به لمُلوحته. وقد أبحَرَ المَشْرَبُ العَذْبُ؛ قال ذو الرُّمّة:

  بأرْضٍ هِجَانِ التُّرْبِ وَسْمِيّةِ الثّرَى ... غَدَاةَ نَأتْ عَنها المُلُوحَةُ والبَحْرُ

  ودَمٌ بَحْرَانيّ: أسودُ، نُسِبَ إلى بَحْرِ الرَّحِم وهو عُمقُه. وامرأةٌ بَحْرِيّةٌ: عظيمةُ البطن، شُبّهَتْ بأهل البَحْرَينِ وهم مَطَاحِيلُ عِظامُ البُطونِ؛ قال الطِّرِمّاح:

  ولم تَنْتَطِقْ بَحْرِيّةٌ من مُجَاشِعٍ ... عليه ولم يُدْعَمْ لهُ جانِبُ المَهْدِ

  بخت - رجلٌ مَبْخوتٌ وبَخِيتٌ: مَجْدُودٌ.

  بخخ - بَخٍ لك: كلمةُ مَدْحٍ وإعْجَابٍ بالشيء وقد تُشَدّدُ؛ قال:

  بخٍ لكَ بَخٍ لبَحْرٍ خِضَمّ

  وتُكَرّر فيقال: بَخْ بَخْ؛ قال أعشى هَمْدان في عبد الرحمن ابن الأشْعَث:

  بينَ الأشَجّ وبينَ قيسٍ باذِخٌ ... بَخْ بَخْ لوالِدِه وللمَوْلُودِ

  فقال الحجّاج: والله لا تُبَخْبِخْ عليّ بعدها، فقتله؛ وأمّا قول العجّاج:

  في حَسَبٍ بَخٍ وعِزّ أقْعَسَا

  فوُصِفَ بهذا الصوت مبالغةً في كون حَسَبِه مُمَدَّحاً مُعْجَباً به، كما يقال: رجل أُفَّةٌ لمن يتأفّفُ به.

  بخر - ثيابٌ مُبَخَّرَةٌ: مُطَيَّبَة. وتَبَخّرَ بالبَخُور، وفلان يتبَخّرُ ويتَبَخترُ. ويقال: بخّرْتَ لنا: طيّبْتَ، وبخّرْتَ علينا: نتّنْتَ، وأرَدْنا أن تُبَخّر لنا فبخّرْتَ علينا. وبه بَخَرٌ شديدٌ. وفي كلام الدّؤلي: لا يَصْلُحُ للخِلافة من لا يصبِر على سِرارِ الشّيوخِ البُخْر.

  بخس - بَخَسَ الكيّالُ مِكْيالَه. وفي المَثَل: «تحسَبُها حَمْقاء وهي باخِسٌ». وبَخَسَ الناسَ: مكَسَهم، وضرَبَ عليهم بَخْساً فاحِشاً؛ قال:

  وفي كلّ أسواقِ العِراقِ إتاوَةٌ ... وفي كلّ ما باعَ امرُؤٌ بَخْسُ دِرْهَمِ

  ولا تَبْخَسْ أخاك حَقَّهُ. وباعه {بِثَمَنٍ} بَخْسٍ أي مَبْخوس، ومنه بَخّسَ المُخُّ وتَبَخّسَ إذا دخل في السُّلامَى والعَينِ وهو آخرُ ما يَبْقى.


(١) كسر أبح: عظم كثير المخ.