أساس البلاغة،

محمود بن عمر الزمخشري (المتوفى: 538 هـ)

صبر

صفحة 346 - الجزء 1

  وصَبَ عليه سوطَ عذابٍ. وانصبَ البازي على الصَّيد، والحيّة على الملدوغ. وصَبَ نفسه عليه. وصُبَ الذّئبُ على الغنم؛ قال أبو النّجم:

  مرَّ القطا صُبَ عليهِ أجدَلُهْ

  وقال السَّمهريُّ بن أسد العُكْليّ:

  لئن كان عُكْلٌ سرّها ما أصابني ... لقد كنتُ مصبوباً على ما يَريبُها

  أي إن سرّهم سَجني، لقد كنتُ أسرِقُ منهم وكنتُ مصبوباً محثوثاً على ذلك. وصَبّ رِجلَه في القيد: قيَّده؛ قال الفرزدق:

  وما صَبَ رِجلي في حديدِ مُجاشع ... مع القَدْرِ إلّا حاجةٌ لي أريدُها

  ولم أدرك من العيش إلّا صُبابةً وإلّا صُباباتٍ. وتصاببتُ العيش: عشتُ بقيَّةً منه؛ قال الشمّاخ:

  لَقوْمٌ تصاببتُ المعيشةَ بعدَهم ... أعزُّ عليَّ من عِفَاءٍ تَغَيَّرَا

  أي فقدهم أشدّ عليّ من الشّيب.

  صبح - أتيته صَباحاً وذا صباح وصَبيحة يوم كذا، وآتيه أُصْبُوحَةَ كلِّ يومٍ وأُمسِيَّتَهُ، وآتيه صَباحَ مَساءَ، وأتانا لصُبْح خامسةٍ وصِبح خامسة، وأصبح يفعل كذا. وهو فالق الإصباح، وأنا أُصَبِّحُه وأُمَسِّيهِ، وصَبَّحك الله تعالى بخير ومَسّاك به، وصُبِّحَ فلانٌ: قيل له: صَبّحك الله تعالى، والنّاس في تَصبيح الأمير، وفلان يَتَصَبَّحُ، وينام الصُّبْحَةَ، والصُّبْحة: نومة الضُّحى. وشرِبَ الصَّبُوح. وصَبَحْتُه وغَبَقْتُه، واصطبحَ واغتبقَ، وهو صَبْحَانُ غَبْقانُ. وقرِّبْ تَصْبيحَنا: غداءنا، وقرَّبَ إلى الضّيوف تصابيحهم. وفي حديث المبعث: «وكان يتيماً في حجر أبي طالب وكان يقرِّبُ إلى الصِّبيان تصبيحهم فيختلسون ويكُفُّ». ووجهٌ صَبيحٌ، وقد صَبُحَ صَباحَةً. وفلان يتصابح ويتحاسن. وأَصْبِحْ لنا مِصباحاً: أسرجه. وفلان يستصبح بالشموع، ويَستصبح بالسَّليط. وصُبَّتْ عليه الأصْبَحِيَّة وهي سِياط تُنْسَب إلى قَيْل يقال له: ذو أصْبَحَ. وأسدٌ أصْبَحُ: أحمر، وأُسُودٌ صُبْحٌ.

  ومن المجاز: هذا يوم الصَّباح، ولقيتهم غداة الصَّبَاح وهو الغارة. وصَبَحَني فلانٌ الحَقَّ ومَحَضَنيه. وأَصْبحْ يا رجلُ: انتبه من غفلتك؛ قال رؤبة:

  بل أيّها القائلُ قوْلاً أقذَعا ... أصْبِحْ فمَن نادَى تميماً أسمعا

  كما يقال للنّائم: أصْبِحْ أي استيقظ، وقد أصبحَ القومُ إذا استيقظوا وذلك في جوف اللّيل. ورأيتُ المصابيحَ تَزْهر في وجهه. وفي مثل: «أصْبِحْ لَيْلُ»؛ وقال بشر:

  كأخنسَ ناشِطٍ باتَتْ عليَه ... بِحَرْبةَ ليلَةٌ فيها جَهَامُ

  فباتَ يقولُ أصْبِحْ لَيْلُ حتى ... تجَلَّى عن صَريمَتهِ الظَّلامُ

  مخاطبة اللّيل وخطاب الوحشيّ مجازان.

  صبر - صَبَرْتُ على ما أكره. وصَبَرْتُ عمّا أُحبّ، وصابرته على كذا مصابرة، وهو صَبِير القوم: للذي يَصبِر لهم ومعهم في أمورهم، والصَّبْرُ أمرُّ من الصَّبِرِ، وهو صَبور ومُصطبِر ومتصبِّر. وصَبَرْتُ نفسي على كذا: حبستها. وإنّه ليَصبِرني عن حاجتي أي يحبسني. واستصبرَ الشيءُ إذا اشتدَّ، ومنه قيل للجَمَد: الصَّبْرُ والقطعة منه: صَبَرَةٌ. ونُهيَ عن المَصْبورة: البهيمة المحبوسة على الموت. ونُهِي عن صَبْرِ ذي الرّوح وهو الخِصاء. وكلُّ من حُبس لقتل أو حَلِفٍ فقد صُبِرَ، وهو قتْلُ صَبْرٍ ويمينُ صَبْرٍ. وصَبَرْتُ بفلان: كفلت به، وأنا به صَبِيرٌ. ووقعوا في أمِ صَبُّورٍ وأمِ صَبّارٍ: داهية، وسلكوا أمَ صَبّارٍ وهي الحَرَّة؛ قال حُميد:

  ليسَ الشَّباب عليكَ الدّهر مرْتجعاً ... حتى تَعودَ كثيباً أمُ صَبَّار

  واصطبرتُ منه: اقتصصتُ. وفي حديث عثمان: «هذه يدي لعمّار فلْيصطبرْ».

  وأصبرَني القاضي: أقصَّني. وملأ المكيالَ إلى أصْبَارِه. وأدهقَ الكأسَ إلى أَصْبارِها: حروفها؛ وقال النّمر:

  غَربتْ وباكرَها الشّيُّ بديمَةٍ ... وَطفاءَ تملؤها إلى أصبارِها