أساس البلاغة،

محمود بن عمر الزمخشري (المتوفى: 538 هـ)

بني

صفحة 52 - الجزء 1

  منها. وبَنّى القُصُورَ؛ قال:

  ألمْ تَرَ حَوْشَباً أمْسَى يُبَنّي ... قصوراً نَفعُها لبَني بُقَيْلَهْ

  يُؤمِّلُ أن يُعَمِّرَ عُمْرَ نُوحٍ ... وأمْرُ اللهِ يَحْدُثُ كلَّ لَيْلَهْ

  وفلان يُباني فلاناً: يُباريه في البِناء. وابتَنى لسُكناه داراً وأبْنَيْتُه بَيتاً. وفي مثل: «المِعْزَى تُبهي ولا تُبْني»؛ وقال:

  لوْ وَصَلَ الغَيْثُ أبْنَينَ امْرَأ ... كانَتْ لهُ قُبّةٌ سَحْقَ بِجادْ

  وحلف بالبَنِيّةِ وهي الكَعْبَةُ. وتبنّاه وبَنّى زيدٌ عمراً: دُعيَ ابناً له.

  ومن المجاز: بَنى على أهْلِه: دخَلَ عليها. وأصلُه أن المُعْرِسَ كان يَبْني على أهْلِه خِبَاءً، وقالوا: بَنى بأهْله، كقولهم: أعْرَسَ بها. واسْتَبْنى فلانٌ وابتَنى إذا أعرَسَ؛ قال:

  أرَى كُلَّ ذي أهلٍ يُقيمُ ويَبْتَني ... مُقيماً وما استَبْنَيْتُ إلّا على ظَهرِ

  تزوّج وهو مسافرٌ على ظهر راحلتِه. وبَنى مَكْرُمَةً وابتَناها، وهو من بُنَاة المَكَارِم؛ قال:

  بُنَاةُ مَكارِمٍ وأُسَاةُ كَلْمٍ ... دِماؤهُمُ منَ الكَلَبِ الشّفاء

  وملعونٌ مَنْ هَدَمَ بُنْيَانَ الله أي ما رَكّبَه وسَوّاه. وبُنيَ فلانٌ على الحَزْم؛ وقال زُهَير:

  قَوْمٌ هُمُ وَلَدُوا أبي ولَهُمْ ... لِصْبُ الحجازِ بُنُوا على الحزْمِ

  وقال الراعي أنشده سيبويه:

  بُنِيَتْ مَرَافِقُهُنّ فوْقَ مَزَلّةٍ ... لا يَسْتَطيعُ بِها القُرَادُ مَقِيلا

  المزَلّةُ الجَنْبُ. وبنى الأكلُ فلاناً وبنّاه إذا سَمّنَه؛ قال:

  بَنَى السَّوِيقُ لَحْمَهُ واللَّتُ ... كما بَنى بُخْتَ العِرَاقِ القَتُ

  وجَمَلٌ مَبْنيٌ: سَمِينٌ. وبَنى له المرعَى سَنَاماً تَامِكاً. وبَنى كلاماً وشِعراً، وهذا كلام حَسَنُ المَبَاني. وبَنى على كلامه: احتَذاه. وهذا البيت مبنيّ على بيت كذا. وكلّ شيء صنَعتَه فقد بَنَيْتَه. وطرحوا له بِناءً ومَبنَاةً وهي النِّطْع، لأنّه كان يُتّخَذ منه القِبابُ. وألقى فلانٌ بَوَانِيَه إذا أقام. والبَوَاني أضلاع الصّدر، كما يقال: ألقى كَلْكَلَه وبَرْكَه. وبنى البيتَ على بَوَانِيه أي على قواعِده. واسْتَبنَتِ الدّارُ: تَهَدّمَتْ وطَلَبتِ البِناءَ. وطلع ابنُ ذُكاءَ وهو الصُّبْحُ. وصادوا بناتِ الماء وهي الغَرَانيقُ، وكأنّ الثُّرَيّا ابنُ ماءٍ مُحَلِّقٌ. وهو ابنُ جَلا: للرجل المَشْهور. وأنا ابن لَيْلِها، وابن لَيلَتِها: لصاحب الأمرِ الكبير. وإنّه لابن أقوال: للكَلاميّ. وهو ابنُ أحْذارٍ: للحَذِرِ؛ قال:

  أبْلِغْ زِياداً وخَيرُ القَوْلِ أصْدَقُه ... وإنْ تَكَيّسَ أو كانَ ابنَ أحْذارِ

  وهو ابنُ أدِيمٍ وأديمَينِ: للغَرْبِ المُتّخَذِ من ذلك. وكأنّه ابنُ الفَلاةِ وابنُ البَلَدِ وابنُ البُلَيْدَةِ وهو الحِرْباء. وكأنّه ابن الطَّوْدِ وهو الصّدَى؛ قال:

  دَعوْتُ خُلَيْداً دَعْوَةً فكأنّما ... دَعَوْتُ بهِ ابنَ الطَّوْدِ أوْ هوَ أسرعُ

  وخُذْ بابْنَيْ مِلاطَيْهِ: وهما عَضُداه، والمِلاطانِ الجَنْبان. وهذه من بناتِ فكري. وغَلَبَتْني بناتُ الصّدْرِ وهي الهُمُوم. وبناتُ لَيلِه صَوادِقُ وهي أحْلامُه. وأصابتْه بناتُ الدّهْر وبنات المُسْنَدِ وهي النّوَائِبُ. ووقعتْ بناتُ السّحابةِ بأرضهم وهي البَرَدُ؛ قال:

  كأنّ ثَنَايَاها بَنَاتُ سَحَابَةٍ ... سَقَاهُنّ شُؤبُوبٌ منَ الغَيْثِ باكرُ

  هُنّ هو المفعول الثاني. وكَثُرَتْ في البِئرِ بناتُ المِعَى وهي البَعْرُ. وكأنّ أصابِعَها بناتُ النَّقا وهي اليَسارِيعُ. ونزلتْ به بناتُ بِئسَ وهي الدّواهي. وسمعتُ منه بناتِ غَيرٍ وهي الأكاذيبُ؛ قال: