أساس البلاغة،

محمود بن عمر الزمخشري (المتوفى: 538 هـ)

تجر

صفحة 60 - الجزء 1

  تِبَاعاً. وتابَعَني بمالٍ له عليّ: طالبَني به، وهو تَبيعي. واسْمَألّ التُّبَّعُ: ارتفع الظّلّ. وطلع التّابِعُ والتُّوَيْبِعُ والتُّبَّعُ أي الدَّبَرَانُ. وهبّتْ تَبُّوعُ الشمس والنُّكَيْبَاءُ وهي رُوَيْحَة تهُبّ مع طلوع الشمس من قِبَلِ القَبُولِ نَكْدَاءَ لا نَشْءَ معها، فالعرب تكرهها؛ قال:

  وهَبّتْ حَرْجَفٌ منها بَلِيلٌ ... تَبُوعُ الشّمْسِ عاجِفَةُ المِهَارِ

  ومن المجاز: تَبِعَتِ النّحْلُ تُبَّعَها وهو يَعْسُوبُها الأعظم. وتَبِعَتِ الأغصانُ الريحَ؛ قال ابن مُقْبِل:

  إذا ظَلّتِ العِيسُ الخَوَامسُ والقَطَا ... مَعاً في هَدَالٍ يَتْبَعُ الرّيحَ مَائِلُهْ

  وفلانٌ متتابعُ العمل إذا كان غير مُتفاوت فيه. وفرسٌ متتابعٌ: معتدلُ الأعضاء متناصفُها. وتتابع الفرسُ إذا جرَى جَرْياً مستوياً لا يرفَع بعضَ أعضائه. وغصنٌ متتابعٌ: معتدلٌ؛ قال حُمَيْد:

  ترَى طَرَفَيْه يَعْسِلانِ كِلاهُما ... كما اهْتَزّ عُود النَّبْعَةِ المُتَتابِعُ

  وتابعَ المرعَى الإبِلَ فتَتابعتْ: سَوّى خَلْقَها وسمّنَها؛ قال أبو وَجْزَةَ:

  حرْفٌ مُلَيْكِيّةٌ كالفَحْلِ تابَعَها ... في خِصْبِ عامَينِ إفْرَاقٌ وتَهْمِيلُ

  أفْرَقَتِ النّاقَةُ: فارقها ولدُها فسَمِنَتْ وقيل حالَتْ. وفلان يتابع الحديث إذا أحسن سِيَاقَه، ومنه حديثُ أبي واقد الليثي: «تَابَعْنَا الأعْمَالَ فلم نَجِدْ أبلَغَ في طَلبِ الآخرة من الزُّهد في الدّنيا». ومن أُتْبِعَ على مَليء فلْيَتّبِعْ أي مَن أُحِيلَ فَلْيَحْتَلْ. وقرأ ابن عبّاس آية لم يعرِفها ابنُ عمر، فقال: «أتْبِعْ يا ابنَ عبّاس، فقال: أتبِعُك على أُبَيّ بنِ كَعْبٍ».

  تبل - لي عندهم تَبْلٌ وهو الوَغْمُ في القلب. وبينهم تُبُولٌ وذُحُولٌ؛ قال المِقْدام التّميميّ:

  أبَى اللهُ أنّ الغَدْرَ منكُمْ وأنّكُم ... بني مالِكٍ لا تُدرِكونَ لكم تَبْلا

  وتقول: لم يزل إضمارُ التُّبُول سبَبَ إظهارِ الحُبُول، وهي الدواهي. وتَبَلَني فلانٌ: أصابني بالتَّبْلِ. وتَوْبَلَ قِدْرَه: ألقى فيها التّوَابِلَ؛ قال لَبِيدٌ:

  فَسَافَتْ قَدِيماً عَهْدَهُ بأنِيسِه ... كما خالَطَ الخَلُّ العَتِيقُ التّوَابِلا

  وفي مَثَل «أهونُ من تَبَالَةَ على الحَجّاجِ» و «ما حللتَ بطنَ تَبَالَةَ لتَحْرِمَ الأضْيافَ».

  ومن المجاز: تَبَلَتْه فلانةُ إذا هَيّمَتْه كأنّما أصابتْه بتَبْل، وقلبٌ متبول؛ قال كعب:

  بانَتْ سعادُ فقلبي اليَوْمَ مَتْبُولُ ... مُتَيَّمٌ إثْرَها لم يُفْدَ مكبُولُ

  وتَبَلَهم الدّهرُ وأتبَلَهم. ودهرٌ خابِلٌ تابِلٌ. وقَزّح كلامَه وتَوْبَلَه.

  تبن - أقلُّ من تِبْنَةٍ في لِبْنَة. وكان نبتاً فصار تِبْناً. وخرج وعليه رداءٌ تِبْنيّ. والجوادُ مَلْبُون والبِرْذَوْنُ مَتْبُون؛ قال ابن عضَاةَ:

  هلِ الكَوْدَنُ المَتبُونُ كالطِّرْفِ صانَهُ ... جِلالٌ وحُبْلانٌ مِنَ القَضْبِ أخْضَرَا

  وهي الحبالُ التي تُباع بمكّة. ورأيتُ تَبّاناً يلبس تُبّاناً، وهي سَرَاويلُ صغيرةٌ. وتبّنَه: ألبَسَه إيّاه، ويجوز بيع التِّبنِ بالتِّبنِ متفاضِلاً، التِّبنُ القَدَحُ الكبير الذي يُرْوي عشرين.

  تجر - فلان يَتْجرُ في البزّ ويَتّجِرُ، وقد تَجَرَ تجارَةً رَابحةً. وتاجرتُ فلاناً فكانَتْ أربَحَ متاجرة. وما أتْجَرَ فلاناً. وتَجْرُ العراق وتجاره كثيرٌ. وبلدٌ مَتْجَر وبلاد مَتَاجِرُ: يُتّجَرُ إلَيها.

  ومن المجاز: عليكم بتجارة الآخرة، وصَفْقَتُه في مَتْجَرِ الحمد رابحَة. وناقة تاجرة: حسنةٌ نافقَةٌ، ونُوقٌ تَوَاجِرُ؛ قال:

  إذا قَوّمَتْ سَدّتْ خِلالَ فُرُوجِها ... قِلاصٌ كنخلِ الخَزْرَجيّ تَوَاجِرُ