المختار من كتاب الروضة والغدير،

محمد بن الهادي بن تاج الدين (المتوفى: 720 هـ)

الفصل الرابع: الأحكام: [قراءة المؤتم في السرية والإنصات في خطبة الجمعة وفي غيرها]

صفحة 84 - الجزء 2

  الثانية: الاستماع عند الخطبة يوم الجمعة [فهو⁣(⁣١)] السنة ويجوز من الكلام ما لا يشغل عن سماع الخطبة ورد السلام وصلاة ركعتين خفيفتين هذا عندنا وهو قول القاسم وولده محمد وقول المرتضى لدين الله محمد بن الهادي $ ذكره أبو العباس عنهم إلا السلام فمذهبهم يقتضيه

  وعند زيد بن علي والهادي والناصر ومالك والشافعي وأبي حنيفة وأصحابه أنه لا يجوز الكلام ومذهب أكثرهم يقضي ألا يرد السلام ولا يشمت العاطس في حال الخطبة، وعند المنصور بالله أن من فعل شيئاً من ذلك كان آثماً وتصح صلاته.

  وجه قول الجميع من أهل المذهبين: ما روي عن النبي ÷ أنه كان إذا ابتدأ الخطبة قطعوا الكلام، والآية تقضي بوجوب الإنصات في الصلاة والخطبة لعمومها وإنما استثنى رد السلام وما شابهه لأنه لا يمنع من الأستماع والأنصات والأدلة قد قضت بوجوب رد السلام والتعبد بالركعتين والكلام الخفيف مثل إرشاد الداخل أين يقف ومنعه من التخلل لصفوف المسلمين على وجه يشغل الخواطر ونحو ذلك وكلما ذكرناه مما قد وقع التعبد به وجوباً أو ندباً فلا يحرم ولا يفسد كزيادة شيء من الصلاة كالزيادة في التسبيح والتكبير في الصلاة فإنه لا يفسد الصلاة ما لم يخرج عن الحد ويشغل عن الفرض وينسى به وهذا ظاهر والله الهادي.

  الثالثة: أنه يستحب الإنصات والاستماع عند قراءة قرآن أو موعظة أو خطبة لعموم الآية ولا خلاف في استحبابه ويزيده وضوحاً قوله ÷ «لا خير في العيش إلا لعالم ناطق أو مستمع واع ولا إشكال أن القرءان والخطب والمواعظ لا تخلو من أمر بحسن ونهي عن قبيح أو توحيد لله أو ذكر لرسول ÷ وما جرى مجرى ذلك من العلوم فيدخل تحت الخبر النبوي».


(١) في الأصل: وهو. وما أثبتناه من (ب).