المختار من كتاب الروضة والغدير،

محمد بن الهادي بن تاج الدين (المتوفى: 720 هـ)

[أولا: الوضوء وما يتعلق به]

صفحة 21 - الجزء 2

[أولاً: الوضوء وما يتعلق به]

  فصل: أما الوضوء ففيه مسائل:

  الأولى: نية الوضوء، فعندنا أنها واجبة وهو إجماع أهل البيت $ وهو قول الشافعي ومالك والليث وعند زفر والحسن بن صالح والأوزاعي: أن النية لا تجب لا في طهارة الماء ولا في طهارة التراب. وعند أبي حنيفة وأصحابه والثوري وصححه الحاكم أن النية لا تجب في الوضوء.

  ودليلنا: قوله تعالى: {وَمَا أُمِرُواْ إِلَّا لِيَعْبُدُواْ اُ۬للَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ اُ۬لدِّينَ}⁣[البينة: ٥]، والإخلاص في الأفعال لا يكون إلا بالنية كالسجدة إذا نواها لله كانت طاعة وإن نواها للصنم كانت كفراً؛ وذلك لأن الأفعال إذا كانت تقع على وجوه مختلفة لم تصح أن تقع على بعض منها دون الثاني إلا بالنية نحو ما قلنا في السجدة وهذا ظاهر.

  ويدل عليه أيضاً: ما روي عن النبي ÷ أنه قال: «الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى»، وقوله ÷: «لا قول إلا بعمل ولا قول ولا عمل إلا بنية ولا قول ولا عمل ولا نية إلا بإصابة السنة» وهذا تصريح منه ÷ بنفي العمل الصحيح إذا لم تقارنه نية.

  الثانية: التسمية، وهي فرض على الذاكر عندنا وهو قول القاسم والهادي والناصر والمؤيد بالله والمنصور بالله وغيرهم من أئمتنا $. وذهبت الظاهرية إلى أن التسمية فرض على الإطلاق، وذهب الشافعي وأبو حنيفة وأصحابه وأكثر الفقهاء: إلى أنها مستحبة والإجماع منعقد على أن الناسي لها لا تجب عليه إعادة الوضوء [بتركها⁣(⁣١)].

  والدليل على قولنا: ما روي عن النبي ÷ أنه قال: «لا وضوء لمن


(١) ما بين المعقوفين من (ب).