الفصل الثالث: المعنى
الفصل الثالث: المعنى
  قوله [تعالى]: {فَوَلِّ وَجْهَكَ} قيل: ذكر الوجه لأنه الذي يظهر به التوجه حيال القبلة، وقيل: يعني فولِّ نفسك، ووجه الشيء: نفسه، ومثله قوله: {وَيَبْقَيٰ وَجْهُ رَبِّكَ}[الرحمن ٢٧]، أي: ربك.
  وقوله: {شَطْرَ اَ۬لْمَسْجِدِ اِ۬لْحَرَامِۖ} معناه: نحو المسجد الحرام، ذكر [ذلك(١)] ابن عباس ومجاهد وقتادة، وعليه الأكثر من العلماء.
  وذكر أبو علي ما معناه: أن الشطر هو النصف، والشطر هاهنا: عبارة عن الكعبة، والكعبة وسط المسجد فكأنها الشطر المقصود من المسجد، وأشار القاضي إلى معنى ذلك، هذا الذي تحصل لي من قولهما.
  والبيت كله قبلة. وقد قال قائل: يجب على المصلي أن يقصد الميزاب، وهذا القول خلاف الإجماع، وليس في الكتاب ولا في السنة ما يدل عليه، لا لفظاً ولا معنى.
  {وَحَيْثُ مَا كُنتُمْ فَوَلُّواْ وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُۥۖ} معناه: أينما كنتم من مشرق أو مغرب فاستقبلوا الكعبة.
الفصل الرابع: الأحكام: [مسائل تتعلق باستقبال القبلة]
  الآية تدل على وجوب استقبال القبلة وهو معلوم من الشرع ضرورة وعليه الإجماع. وذكر ابن عباس أن أول ما نسخ من القرآن شأن القبلة، وقيل: هذه الآية ناسخة لما قبلها. وقيل: إنها ناسخة لما ورد في السنة من شأن القبلة. وهذه الآية كما تدل على القبلة فهي أيضاً تدل على وجوب التحري والاجتهاد في استقبال القبلة؛ [إذ(٢)] لا يمكن غير ذلك.
(١) ما بين المعقوفين من (ب).
(٢) في (ب): إذا كان.