المختار من كتاب الروضة والغدير،

محمد بن الهادي بن تاج الدين (المتوفى: 720 هـ)

الفصل الثالث: المعنى:

صفحة 60 - الجزء 1

الفصل الثالث: المعنى:

  [قوله تعالى⁣(⁣١)]: {فَأَيْنَمَا تُوَلُّواْ فَثَمَّ وَجْهُ اُ۬للَّهِۖ} قيل: أينما تحولوا وجوهكم فهناك وجه الله، يريد القبلة وهي الكعبة، ذكر ذلك الحسن ومجاهد وقتادة ومقاتل؛ لأنه يمكن التوجه إليها من كل مكان.

  وقيل: فَثَمَّ رضوانُ الله المراد به الوجه الذي يؤدي إلى رضوانه، ذكره أبو علي.

الفصل الرابع: الأحكام: [حكم التوجه إلى أي مكان عند اللبس]

  إذا حملنا الآية على التوجه إلى القبلة كان المعنى: أينما كنتم من مشرق أو مغرب فقبلتكم مكة، وكانت الآية دليلاً على القبلة وهي الكعبة، وكونها قبلة معلوم من الشرع ضرورة، وهو إجماع.

  وإذا حملنا الآية على التوجه عند التباس القبلة إلى حيث يؤدي إليه اجتهادُ المصلي وتَحَرِّيهِ دلَّ على صحة الاجتهاد.

  ولا نسخ في الآية إذا حملت على أحد هذين الوجهين.

  والصحيح أن الآية نزلت فيمن تلتبس عليه جهة القبلة؛ فيصلي بالتحري والاجتهاد.

  يدل عليه: ما روى جابر قال: بعث رسول الله ÷ سرية كنا فيها فأصابتنا ظلمة؛ فلم نعرف القبلة، فقال طائفة منا: قد عرفنا القبلة [هاهنا⁣(⁣٢)] قِبَل الشمال وخَطُّوا خطوطاً، وقال بعضهم: القبلة هاهنا قبل الجنوب، وخَطُّوا خطوطاً، فلما أصبحنا وطلعت الشمس أصبحت الخطوط لغير القبلة، فسألنا النبي ÷ [فيما فعلنا⁣(⁣٣)] فأنزل الله تعالى: {فَأَيْنَمَا تُوَلُّواْ فَثَمَّ وَجْهُ اُ۬للَّهِۖ}.


(١) ما بين المعقوفين من (ب).

(٢) ما بين المعقوفين من (ب).

(٣) الذي في الأصل: لما فعلنا وما أثبتناه من (ب).