المختار من كتاب الروضة والغدير،

محمد بن الهادي بن تاج الدين (المتوفى: 720 هـ)

الفصل الثالث: الأحكام: [أحكام النوافل عند الدخول في شيء منها]

صفحة 301 - الجزء 2

  لغير عذر فعليه القضاء.

  ودليلنا قوله ÷ يوم الفتح وقد أتي بإناء فشرب ثم ناول أم هاني فقالت: إني صائمة، فقال: «إن المتطوع أمير نفسه فإن شئت فصومي وإن شئت فافطري».

  دليل آخر: أنه قول علي #، وهو مروي أيضاً عن ابن عباس وعمر وابن عمر وابن مسعود.

  واحتج المخالفون لنا بهذه الآية وهي قوله: {وَرَهْبَانِيَّةً اِ۪بْتَدَعُوهَا مَا كَتَبْنَٰهَا عَلَيْهِمْ} ويقولون: إنهم لما ابتدعوا هذا التعبد ودخلوا فيه وجب عليهم ولم يوجبه الله عليهم، ويحتجون أيضاً بما روي عن عروة أنه روى عن عائشة أنها قالت: كنت أنا وحفصة صائمتين متطوعتين فأهدي لنا طعامٌ فأفطرنا فدخل علينا رسول الله ÷ فسألناه فقال: «اقضيا يوماً مكانه»، وهذا الخبر ضعيفٌ لأن عروة سئل عنه فأنكره، ولأنه لو كان التطوع يجب بالدخول فيه لكان لا يجوز الفطر كما لا يجوز الفطر في رمضان والنذور المعينة والقضاء ولو كان الأمر كذلك لبينه النبي # لهما وقال قد عصيتما بفطره ويلزمكما القضاء، وإن صح الخبر فأمرهما بالقضاء على وجه الاستحباب ونحن نقول بذلك.

  الثانية: أنه إذا دخل في الحج تطوعاً ثم أفسده لزمه القضاء عندنا وهو قول زيد بن علي وهو الذي ذكره علماؤنا من المذهب وهو قول أبي حنيفة، وعند مالك والشافعي لا قضاء عليه.

  وجه قولنا: قوله تعالى: {وَأَتِمُّواْ اُ۬لْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلهِۖ}⁣[البقرة: ١٩٥]، فمن دخل فيهما وجب عليه التمام ومن أفسدهما لم يقع التمام إلا بالقضاء.

  ويدل على قولنا ما روي عن النبي ÷ أنه قال في الحاج: «من كسر أو عرِج فقد حل له وعليه الحج من قابل» وهذا نص لم يفصل فيه ÷ بين الفرض والنفل ولولا النص لكان القياس ألا يجب قضاء المتطوع بالحج.