المختار من كتاب الروضة والغدير،

محمد بن الهادي بن تاج الدين (المتوفى: 720 هـ)

الفصل الثالث: الأحكام: [الأيمان وأقسامها وأحكامها]

صفحة 197 - الجزء 1

  المجمل تحتاج إلى البيان، وبيانه من السنة الشريفة. وفي هذا مسائل:

  الأولى: أن العلماء قد قسموا الأيمان بالله إلى ثلاثة أقسام: لغو وغموس ومعقودة.

  الثانية: صورة المعقودة: أن يحلف على أمر مستقبل أنه يفعله أولا يفعله، أو يحلف على أن يفعله غيره أو لا يفعله، أو حلف على أن يحدث أمراً أو لا يحدثه هو أو غيره. فهذه هي اليمين المعقودة، وتجب على الحانث فيها الكفارة عندنا، وهو قول أهل البيت $ وأبي حنيفة والحسن ولا أعلم فيه خلافاً إلا ما ذهب إليه الشافعي في هذه اليمين أنه إن حلف على طاعة أو مباح ثم حنث وجبت [عليه⁣(⁣١)] الكفارة، وإن حلف على معصية ثم حنث فلا كفارة عليه وهو قول مسروق.

  ودليلنا: قوله تعالى: {لَا يُؤَاخِذُكُمُ اُ۬للَّهُ بِاللَّغْوِ فِے أَيْمَٰنِكُمْ وَلَٰكِنْ يُّؤَاخِذُكُم بِمَا عَقَّدتُّمُ اُ۬لْأَيْمَٰنَۖ فَكَفَّٰرَتُهُۥ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَٰكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٖۖ}⁣[المائدة ٩١].

  [وقوله ÷: «من حلف على أمر فرأى غيره خيراً منه فليأت الذي هو خير ويكفر يمينه»، وهذا يوجب الكفارة في كل يمين إلا ما خصته دلالة⁣(⁣٢)].

  الثالثة: الغموس [وقيل: سميت الغموس لأنها تغمس صاحبها في الإثم كما يقال: غمسته في الماء، وصورتها⁣(⁣٣):] أن يحلف على أمر ماض وهو عالم أنه كاذب وهو قاصد للكذب، فهذه تجب فيها التوبة دون الكفارة عندنا، وهو قول أئمتنا $ وقول أبي حنيفة وأصحابه ومالك والثوري. وقال الشافعي فيها الكفارة، ومثله مروي عن الأوزاعي وابن حي.


(١) ما بين المعقوفين من (ب).

(٢) ما بين المعقوفين من (ب).

(٣) الذي في الأصل: الثالثة الغموس وهو، وما أثبتناه من (ب).