المختار من كتاب الروضة والغدير،

محمد بن الهادي بن تاج الدين (المتوفى: 720 هـ)

الآية التاسعة عشرة: [في قتل المؤمن عمدا]

صفحة 412 - الجزء 1

  لغة وشرعاً وهم يحتجون بما روي عن النبي ÷ أنه قال يوم فتح مكة: «ألا إن قاتل العمد الخطأ بالسوط والحجر فيه الدية مغلظة، منها أربعون خلفه أولادها في بطونها»⁣(⁣١) فهو ضعيف لوجوه:

  منها: أن أهل البيت $ لا يعملون به ولا يصححونه.

  ومنها: أن الشافعي يوجب القود في شيء مما يقتل به غير الحديد مثل الحجر الكبير والعصا الذي يقتل مثله فبطل الخبر ولا يحتج به.

  ومنها: أن أبا حنيفة وأبا يوسف وكثيراً منهم لا يعملون بهذا الخبر رأساً.

  ومنها: أن مالك بطلهم وهو إمام الأخبار ولم يعمل بمقتضاه أحد من المخالفين.

  ومنها: أن سنده مضطرب ذكره المخالفون لنا.

  ومنها: أن الرواية اختلفت عن علي # في التغليظ وعن غيره من الصحابة.

  ومنها: أن الخبر إذا كان يوم فتح مكة في مثل الجمع وهو في حكم من أحكام الشرع والبلوى به عامة فلو كان الخبر صحيحاً لعمل العلماء بموجبه ولم يختلفوا في معناه، وهذا ظاهر السقوط والله الهادي⁣(⁣٢)].


(١) الحديث أورده في المسند الجامع برقم (٧٨٢٥) بألفاظ منها: «أَلاَ إِنَّ قَتِيلَ الْعَمْدِ الْخَطَإِ بِالسَّوْطِ أَوِ الْعَصَا فِيهِ مِائَةٌ مِنَ الإِبِلِ» وَقَالَ مَرَّةً: «المُغَلَّظَةُ فِيهَا أَرْبَعُونَ خَلِفَةً فِى بُطُونِهَا أَوْلاَدُهَا» ... إلخ، وفي رواية: سمعت رسول الله ÷ يقول وهو على درج الكعبة ... إلى أن قال: «أَلاَ وَإِنَّ مَا بَيْنَ الْعَمْدِ وَالْخَطَإِ وَالْقَتْلِ بِالسَّوْطِ وَالْحَجَرِ فِيهَا مِائَةُ بَعِيرٍ مِنْهَا أَرْبَعُونَ فِى بُطُونِهَا أَوْلاَدُهَا». ثم ذكر أنه أخرجه الحميد وأحمد وأبو داود وابن ماجه والنسائي ... إلخ. وأورده أيضاً برقم (٧٨٢٦) عن ابن عمر بلفظ: أن رسول الله ÷ خطب الناس يوم الفتح فقال: «أَلاَ إِنَّ دِيَةَ الْخَطَإِ الْعَمْدِ بِالسَّوْطِ أَوِ الْعَصَا مُغَلَّظَةٌ مِائَةٌ مِنَ الإِبِلِ مِنْهَا أَرْبَعُونَ خَلِفَةً فِى بُطُونِهَا أَوْلاَدُهَا ... إلخ» وقال بعده: أخرجه أحمد. (منه بتصرف).

(٢) الذي في (ب): الثالثة: أن قتل العامد في دار الحرب أو من أهل الذمة أو في دار الإسلام يجري على نحو قتل الخاطئ، عند من يجعل على العامد مثل الخطأ في الكفارة.