المختار من كتاب الروضة والغدير،

محمد بن الهادي بن تاج الدين (المتوفى: 720 هـ)

الفصل الرابع: الأحكام: [متى تجب الهجرة]

صفحة 415 - الجزء 1

  قوله [تعالى]: {ظَالِمِے أَنفُسِهِمْ} قيل: بالشرك والنفاق، معناه: تقبض أرواحهم وهم باقون على الكفر ولم يتداركوا نفوسهم بالتوبة قبل معاينة الملائكة.

  قوله: {قَالُواْ فِيمَ كُنتُمْۖ} السائل لهم الملائكة سؤال توبيخ وتقريع، وقيل: فيم كنتم من دينكم، وقيل: لماذا تركتم الهجرة؟

  قوله: {قَالُواْ كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِے اِ۬لْأَرْضِۖ} معناه: أن هؤلاء المنافقين أجابوا الملائكة في سؤالهم بأنهم كانوا مستضعفين مقهورين تحت أيدي أهل الشرك في أرضنا، وقيل: أراد أرض مكة لكثرة الكفار وقلة المؤمنين.

  فأجابهم الملائكة بقوله تعالى: {أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اُ۬للَّهِ وَٰسِعَةٗ فَتُهَاجِرُواْ فِيهَاۖ} معناه: تخرجوا إلى موضع يمكنكم أن توحدوا فيه الله تعالى وتعبدوه، وأكذبهم الله وبين أنهم كانوا مستطيعين للهجرة.

  قوله: {فَأُوْلَٰٓئِكَ مَأْوَيٰهُمْ جَهَنَّمُ} معناه مسكنهم.

  قوله: {وَسَآءَتْ مَصِيراً ٩٦} معناه بئس المصير، وقيل: بئس المسكن والمرجع لأهلها.

الفصل الرابع: الأحكام: [متى تجب الهجرة]

  الآية تدل على وجوب الهجرة وفيه خلاف بين العلماء كثير ونذكر فيه ثلاث مسائل:

  الأولى: أن الهجرة واجبة إذا كان في الزمان إمام من ديار الكافرين والفاسقين جميعاً إذا طلبهم الإمام ولم يأذن لهم لأمر يوجب ذلك وهذا موضع إجماع بين العلماء فيما أعلم.

  الثانية: إذا لم يكن إمام فإن الهجرة واجبة من ديار الكفار ولا يجوز السكون فيها، وهذا أيضاً مما أجمع عليه العترة $ وجمهور العلماء، ويدل عليه