المختار من كتاب الروضة والغدير،

محمد بن الهادي بن تاج الدين (المتوفى: 720 هـ)

[مسافة القصر]

صفحة 423 - الجزء 1

  وذكر [عن⁣(⁣١)] أبي حنيفة والثوري أنهما قدرا الثلاث المراحل بأربعة وعشرين فرسخاً، وقال الشافعي: أربعة برد مثل قول الباقر.

  وقال الشافعي أيضاً: القصر في ستة وأربعين ميلاً، وقال أيضاً: في ليلتين، وقال في ليلة، وعن الأوزاعي مرحلة، وعند داود يجوز في قليل السفر وكثيره.

  وجه قولنا: ما روي عن النبي ÷ أنه قال: «لا تسافر المرأة ثلاثة أيام فما فوقها إلا مع ذي رحم محرم»، ولأن قولنا لا يخالف فيه أحد من العلماء وهو أكثر ما قيل من حد المسافة.

  واستدل أهل البريد بقوله تعالى في هذه الآية: {وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِے اِ۬لْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَقْصُرُواْ مِنَ اَ۬لصَّلَوٰةِ}، فأثبت القصر لمن سافر في الأرض فيعم كل سير إلا ما خصته دلالة، والإجماع قد وقع على أن ما دون بريد لا يكون سفراً ولا يقصر فيه إلا قول داود، والإجماع يحجه.

  ويستدلون أيضاً بقوله ÷: «لا تسافر المرأة بريداً إلا ومعها زوج أو ذي رحم محرم» فجعل البريد سفراً.

  وأما حجة الباقر والشافعي في أربعة برد فقوله ÷: «لا تقصروا الصلاة في أقل من مسيرة أربعة برد» والبريد أربعة فراسخ.

  وأما اعتبار الأوزاعي مرحلة فلا وجه معه يستدل به إلا أن يقلد ابن مسعود فقد روي عنه ذلك، وأما داود فيأخذ بظاهر الآية، ويقول ما دون البريد سيرٌ في الأرض والإجماع يحجه.


(١) ما بين المعقوفين من (ب).