[نكاح الكتابيات وذبائح أهل الكتاب وما يلحق بذلك]
  المسلمات من الكتابيات لأن الإجماع منعقد على نكاح المسلمات من أهل الكتاب ومن أهل الشرك الذين لا كتاب لهم وذلك مما لا شبهة فيه، وهو معلوم من الشرع بعد ثبوته فكيف يقع فيه الإشكال مع النص والإجماع، ونزول المائدة آخر ما نزل وهذا ظاهر والله الهادي.
  ويدل عليه أيضاً: ما روي عن النبي ÷ يوم خيبر، وقد أخذوا جراب شحم فلزمه صاحب المغانم فتشاحا عليه، فرآهم النبي ÷ فأمر صاحب المغانم أن يخليه وإياه، ولو كانت ذبائحهم حراماً لما أمر بذلك وهو معلّم الشرع، وكان يأمرهما بتركه وضياعه، وهذا واضح.
  الرابعة: نكاح إماء أهل الكتاب فاختلف القائلون بجواز نكاح أهل الكتاب؛ فمنهم: من أجرى الإماء مجرى الحرائر، وأنه يجوز النكاح بهن وهو قول أهل العراق، وروي ذلك عن الشعبي والسدي وغيرهم من المفسرين.
  ومنهم: من حرم نكاح الإماء الكتابيات، وهو قول الجمهور من العلماء والمفسرين وذكره الشافعي، وروي عن مجاهد وغيره.
  ودليل من أجاز نكاحهن الآية فإنها لم تفرق بين الحرائر والإماء، ولأن حمل الخصم للمحصنات على الحرائر ليس بأولى من أن يحمل على العفائف فيشمل الجميع.
  وحجة من منع من نكاح أهل الكتاب قوله تعالى: {وَلَا تُمْسِكُواْ بِعِصَمِ اِ۬لْكَوَافِرِۖ}[الممتحنة: ١٠]، وهم كفار بلا محالة فيشملهم الدليل.
  وأهل القول الأول يقولون: إن هذه الآية تخص أهل الحرب.
  فصل: وقد روي عن بعضهم جواز نكاح الحربية أيضاً والآية من قوله تعالى: {وَلَا تُمْسِكُواْ بِعِصَمِ اِ۬لْكَوَافِرِۖ}، تدفع في وجه هذا القول والإجماع قد سبقه وما ظهر في وقت النبي ÷ من المنع من نكاح الحربيات بما لا سبيل إلى دفعه والله الهادي.