الآية السادسة: [في حد السرقة]
  وجه قولنا: أن كل واحد لم يسرق النصاب كاملاً فلا يلزمه القطع كما لو اشتركوا فيما دون النصاب وكذلك فإن نصوصات النبي ÷ في نصاب السرقة والتشديد فيه لم يجر له ذكر إلاَّ في الواحد وكذلك من الصحابة ¤ فلذلك لا يجوز أن يقطع الواحد بما دون النصاب وحده أو مشاركاً فيه لغيره والعلة مفهومة من النص والله الهادي.
  الخامسة: أنه لا قطع على الأب إذا سرق من مال الابن، ولا خلاف فيه وكذلك حكم الأم.
  السادسة: أنه لا قطع على الابن إذا سرق من مال والديه عندنا، وهو قول زيد بن علي والمؤيد بالله والشافعي وأبي حنيفة، وغيرهم من الفقهاء، وعند القاسم والهادي والناصر ومن وافقهم أنه يقطع.
  وجه قولنا قوله تعالى: {وَلَا عَلَيٰ أَنفُسِكُمْ أَن تَأْكُلُواْ مِنۢ بِيُوتِكُمْ أَوْ بِيُوتِ ءَابَآئِكُمْ أَوْ بِيُوتِ أُمَّهَٰتِكُمْ}[النور: ٥٩]، وظاهره يرفع الجناح بين هؤلاء، وأقله أن يكون شبهة في درء الحد فيما بينهم يدل عليه قوله ÷: «إذا سرق الابن من مال أبيه والأب من مال ابنه فلا حد على واحد منهم».
  فإن قال المخالف: إن في آخر الآية قوله: {أَوْ صَدِيقِكُمْۖ} ولا خلاف أن القطع على من سرق من صديقه؟
  قلنا: ولا سواء، فإن العرف والعادة والأغلب في أن الحرز بين الوالدين والأولاد مرفوع والشرع يلاحظ العرف والعادات والأغلب في كثير من الأحكام فأي شبهة في درء الحد أعظم من ذلك، والصديق في العرف والعادة والأغلب يجعل الحرز على العموم من الصديق وغيره، فإن عرفنا من الصديق فيما بينه وبين صديقه من العادة والأغلب من حاله أنه لا يمنع صديقه وأنه يأذن له في دخول بيته والتناول من ماله لم يلزمه القطع، ولو أن الصديق جره