المختار من كتاب الروضة والغدير،

محمد بن الهادي بن تاج الدين (المتوفى: 720 هـ)

الفصل الرابع: الأحكام: [من أحكام الجهاد]

صفحة 105 - الجزء 2

  يَغْلِبُواْ أَلْفَيْنِ بِإِذْنِ اِ۬للَّهِۖ} قيل: بأمره ونصره، وقيل: بعلمه⁣(⁣١) وهو خبر يراد به الأمر.

  قوله: {وَاللَّهُ مَعَ اَ۬لصَّٰبِرِينَۖ ٦٧} معناه: نصره مع من صبر لله في الجهاد محتسباً.

الفصل الرابع: الأحكام: [من أحكام الجهاد]

  الآية تدل على التخفيف عن الواجب الأول في الآية التي قبلها وأن هذه ناسخة لتلك وفيه مسائل:

  الأولى: أنه يجب قيام المائة للمائتين والألف للألفين، وروي عن ابن عباس أنه قال: من فر من رجلين فقد فر، ومن فرّ من ثلاثة لم يفر، وقد ذكرنا في الآية الثانية من هذه السورة وهي قوله: {يَٰأَيُّهَا اَ۬لذِينَ ءَامَنُواْ إِذَا لَقِيتُمُ اُ۬لذِينَ كَفَرُواْ زَحْفاٗ فَلَا تُوَلُّوهُمُ اُ۬لْأَدْبَٰرَۖ ١٥}⁣[الأنفال]، تفصيل ما ذكره العلماء من وجوب الثبات إذا كان جماعة أهل الحق في العادة قد تغلب وتقهر وهذا موافق لما هو مذكور هاهنا فإن الألف قد يغلب الألفين والمائة قد تغلب المائتين وهذا مع سلامة الحال وهو أن يكون مع المائة من أهل الحق من العدة كعدة أولئك المخالفين أو قريباً منها وأن يكون الفريقان على حال واحد من قوة أو ضعف أو متقاربين لأنا إذا علمنا أن المخالفين ألفان أو مائتان على كمال العدة من السلاح والركاب وعلمنا أن ألفاً أو مائة من المؤمنين على نهاية الضعف من عدم العدة من السلاح والركاب لم يجب عليهم الثبات لأنه يغلب على الظن أن المحاربين يستأصلونهم، فحاصل المسألة يرجع إلى ما ذكرناه من الاستقلال على ما فصلناه في مسألة الفرار من الزحف، والله الهادي.

  الثانية: أن هذه الآية ناسخة للتي قبلها، وهو قول ابن عباس وسائر


(١) زاد في الأصل كلمة «مع» بعد قوله: «بعلمه»، ولم يتضح لها معنى.