المختار من كتاب الروضة والغدير،

محمد بن الهادي بن تاج الدين (المتوفى: 720 هـ)

الفصل الثاني: المعنى:

صفحة 263 - الجزء 2

  وذهب الطحاوي أنه إذا تبرد به صار مستعملاً أيضاً، وعند بعضهم ما استعمل في الفرض صار مستعملاً، وما استعمل في النفل لم يكن مستعملاً.

  والدليل على ما ذهبنا إليه: قول النبي ÷: «خلق الماء طهوراً لا ينجسه شيء إلا ما غير لونه أو ريحه أو طعمه»، وما روي عن النبي ÷ «أنه اغتسل فبقي في بدنه لمعة فأخذ الماء الذي كان في شعره فدلكه»، والدليل لنا هو الخبر الأول فأما خبر اللمعة فليس بدليل صحيح وقد اعترضته في غير هذا الموضع وهو أنه لا يكون مستعملاً إلا بعد انفصاله عن البدن وما دام في بعض البدن لم يكن مستعملاً بدليل: أن المعلوم أن المغتسل والمتوضئ يدلك بالماء جانب البدن ثم يمر به إلى الجانب الثاني فلو كان الواجب ألا يغسل بكل غرفة إلا حيث تقع لعظم الأمر واشتد التكليف ولا قائل بذلك، وقد ذكر السيد الإمام الداعي إلى الحق محمد بن أحمد بن يحيى بن يحيى $ أن المتوضئ إذا دلك العضو للوضوء ثلاث مرات بالغرفة الواحدة يرددها في العضو فقد أكمل السنة.

  وأما دليل أهل القول الثاني: فما روي أن النبي ÷ نهى أن تغتسل المرأة بفضل الرجل ويغتسل الرجل بفضل المرأة، وما روي عنه ÷: «لا يتوضأ الرجل بفضل وضوء المرأة ولا المرأة بفضل وضوء الرجل».

  فصل قالوا: والمراد به ما يفضل عن الاستعمال من الماء المتساقط لا فضلة الوضوء لأن الإجماع منعقد على أن الباقي من وضوئهما يجوز التوضؤ به.

  الثالثة: أن تشوبه عين النجس والماء كثير فإنه إن غيره عن حالته في لون أو طعم أو ريح صار نجساً وكذلك حكم القليل وهذا مما لا خلاف فيه ونص عليه الرسول # بقوله: «خلق الماء طهوراً لا ينجسه شيء إلا ما غير طعمه أو ريحه أو لونه».

  فصل: وإن لم يغيره وكان كثيراً كان طاهراً مطهراً بلا خلاف، فإن كانت عين