المختار من كتاب الروضة والغدير،

محمد بن الهادي بن تاج الدين (المتوفى: 720 هـ)

الفصل الثالث: الأحكام: [الإنفاق وما يتعلق به]

صفحة 270 - الجزء 2

  كان يعطي جميع ما في يده على شدة الحاجة ولا يستبقي منه شيئاً نحو ما فعل في الدينار مع عمار لما شكا إليه عمار شدة الحاجة وأنه خرج هارباً من عياله فأعطاه علي # الدينار وقال #: ما أخرجني إلا ما أخرجك.

  وكما فعله # هو وفاطمة & في الطعام للمسكين واليتيم والأسير ولا يملكون غيره فأنزل الله فيهم: {وَيُطْعِمُونَ اَ۬لطَّعَامَ عَلَيٰ حُبِّهِۦ مِسْكِيناٗ وَيَتِيماٗ وَأَسِيراً ٨ ...} إلى آخر الآيات [الإنسان].

  وكما فعله # في أربعة دراهم أنفق درهماً ليلاً ودرهماً نهاراً ودرهماً سراً ودرهماً علانية وهو جملة ما يملكه في حال إنفاقه فعظم الله أمرها وأشاد ذكرها وجعلها مالاً وذلك لقصده الخالص # ونيته الصادقة في إنفاقها سراً وعلانية ليقتدى به، ولكونه # في تلك الحال لا يملك غيرها فجعلها الله [تعالى] أموالاً في قوله تعالى: {اِ۬لذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَٰلَهُم بِاليْلِ وَالنَّهَارِ سِرّاٗ وَعَلَٰنِيَةٗ}⁣[البقرة: ٢٧٣]، وكذلك زين العابدين أعطى الفرزدق أربعين ألفاً وهو جملة ما كان معه قيمة مزرعة باعها، وكذلك قال الهادي #:

  أكرم ضيفي وأهين ولدي ... ولا أبقي رزق يومٍ لغد

  فقال #: أنه لا يبقي رزق يوم لغد وليس ذلك إلا أنه يقول بحسن إنفاق الجميع، وقال الله تعالى في الأنصار: {وَيُؤْثِرُونَ عَلَيٰ أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٞۖ}⁣[الحشر: ٩]، وليس الخصاصة تصور إلا فيمن أنفق جميع ماله.