المختار من كتاب الروضة والغدير،

محمد بن الهادي بن تاج الدين (المتوفى: 720 هـ)

الفصل الثالث: الأحكام: [الإجارة وبعض مسائلها]

صفحة 278 - الجزء 2

  وجه القول الأول: ما روي عن النبي ÷ أنه قال: «اقرأوا القرآن ولا تغلوا فيه ولا تحفوا عنه ولا تأكلوا به ولا تستكثروا به»، وقوله ÷: «من أخذ على تعليم القرآن أجراً كان حظه يوم القيامة»، وعنه ÷ أنه قال لعبادة بن الصامت وقد كان يُعلم أهل الصُّفَّة القرآن فأهدى له أحدهم قوساً فذكرها لرسول الله فقال له #: «إن أردت أن يطوقك الله بها طوقاً من نار فاقبلها».

  وروي عن أمير المؤمنين # أن رجلاً قال له: إني أحبك في الله، قال علي: إني أبغضك في الله قال: لم؟ قال: لأنك تأخذ على الأذان أجرة وتأخذ على تعليم القرآن أجرة.

  وجه القول الثاني: ما روي أن سرية لرسول الله [÷] رقى واحدٌ منهم لديغاً في طريقهم فعوفي فأعطوه ثلاثين شاة فلما قدموا على رسول الله [÷(⁣١)] أخبروه الخبر فقال: «اضربوا لي معكم بسهم».

  وما روي عنه ÷ «أنه أنكح امرأة على تعليم شيء من القرآن»، وما روي عنه ÷ وقد جاءه رجل فسأله عن جعلٍ أخَذَه على رقية فقال ÷: «كل فلعمري من أكل برقية باطل لقد أكلت برقية حق» وغير ذلك من الأخبار.

  فصل: والذي عندنا والله الهادي أن كل شيء من القرآن أو من السنة يكون فرضاً في حال تعليمه فإنه لا يجوز أخذ الأجرة عليه سواء كان فرض عين أو فرض كفاية وكل ما خرج عن الفرضية جاز أخذ الأجرة عليه وهذا عندي قوي من جهة النظر ليكون جمعاً بين الأخبار وعملاً بمقتضى جميعها ومفهومات الأدلة تقضي بما ذكرناه، والله الهادي.

  الثالثة: أنه لا يجوز فسخ الإجارة الصحيحة، والصحيحة أن تكون


(١) ما بين المعقوفين من (ب).